وما المقصود منها، وقد أوضح المعلق العسكري في وكالة نوفوستي إيليا كرامنيك هذه المصطلحات وفق ما جاء في البروتوكول الملحق بالمعاهدة الجديدة ستارت- 2.
تتكون معاهدة التدابير المستقبلية للتقليص والحد من الأسلحة الاستراتيجية الهجومية ستارت من مجموع وثيقتين: الأولى هي المعاهدة نفسها وشغلت 12 صفحة والثانية بروتوكول احتل 138 صفحة، وفي صفحات الثانية يجري تفسير المصطلحات المستخدمة في المعاهدة وتحديد إجراءات تنفيذها ومراقبة التقيد بأحكامها. والجزء الأكبر من الوثيقة وضع للاختصاصيين ولكن الباب الأول منها الذي تحدد فيه مصطلحات المعاهدة يحظى باهتمام أكبر لكونه يشكل عمليا اليوم جملة المصطلحات الكاملة الوحيد الذي يجب الرجوع إليه عند الحديث عن الأسلحة الاستراتيجية الهجومية.
المعاهدة الجديدة ستارت-2 لاتشمل قيوداً محددة على مناطق نشر بطاريات الصواريخ المتحركة على الأرض من النماذج توبل وتوبل -م و يارس. وجاء في المادة الرابعة من المعاهدة توضيح حول المنصات المنتشرة لإطلاق الصواريخ العابرة للقارات والتي يجب وفق المعاهدة أن تتمركز في قواعد الصواريخ العابرة للقارات حصراً .. أما في البروتوكول فتعني قاعدة الصواريخ البالستية العابرة للقارات فيما يخص منصات الإطلاق المتحركة «المنطقة التي تتمركز فيها منطقة انتشار واحدة أو أكثر ومركز خدمة واحد مرتبط بها». وخلافاً لمعاهدة ستارت -1 فإن التعريف الحالي لا يتضمن إشارة لا إلى ساحة المنطقة ولا إلى عدد مناطق الإنتشار ولا إلى عدد المنصات التي يمكن أن تتواجد في وقت واحد خارج هذه المناطق وبناء على ذلك لابد من توضيح ماهية العناصر الأساسية للثالوث النووي، فالمقصود بالصاروخ العابر للقارات هو الصارخ البالستي الذي يتجاوز مداه 5500 كم. وهذه المسافة لم تعتمد كمقياس من قبيل المصادفة فهذه أقصر مسافة بين الأراضي الروسية والبر الأميركي (باستثناء آلاسكا). أما القاذفات الثقيلة فقد عرفت بأنها القاذفات التي لايقل مدى تحليقها عن 8000 كم و أو المزودة بصواريخ مجنحة بعيدة المدى (ليس أقل من 600 كم مدى تحليق القاذفة 8000 كم)، يسمح لها بالإقلاع من الأراضي الروسية وبلوغ الهدف في الأراضي الأميركية (أو العكس) والعودة، مع تزويد بالوقود لايتجاوز المرة الواحدة، ويعود أصل هذا التعريف إلى السبعينيات من القرن الماضي، منذ المحادثات الأميركية السوفييتية الأولى للحد من الأسلحة الاستراتيجية، خلال تلك المحادثات دار نقاش حاد جدا بخصوص قاذفات (تو- 22 م3) التي يبلغ مدى تحليقها 7000 كم. إذ أصرت الولايات المتحدة حينها على تسجيل هذه القاذفات في قائمة الثقيلة، وافقت بعد ذلك على عدم تسميتها قاذفة ثقيلة، بعدما تعهد الاتحاد السوفييتي بعدم تركيب أنبوب تزويد بالوقود لهذه القاذفات في الجو، وبعدم استخدامها لإطلاق الصواريخ المجنحة التي يزيد مداها على 600 كم. ويفسر البروتوكول عبارة الصواريخ البالستية على متن الغواصات بأنها ما يطلق من الغواصات من صواريخ يزيد مداها على 600كم. ويعود سبب هذا التخفيض الكبير لمدى هذه الصواريخ مقارنة بمدى الصواريخ البالستية العابرة للقارات إلى قدرة تحرك الغواصات وامكانياتها على التخفي ما يسمح لها بالاقتراب جدا من الشواطئ ويعطيها امكانيات استراتيجية حتى وهي مزودة بصواريخ مداها أقل بكثير من مدى الصواريخ البالستية العابرة للقارات وتتمتع الصواريخ المجنحة بعيدة المدى بنفس الامكانيات، على أن يكون لهذا السلاح دور في حال كانت هذه الصواريخ المجنحة محمولة جواً.
وبعيداً عن البروتوكول، فإن عدد الصواريخ المجنحة المحمولة على القطع البحرية في الوقت الحالي محددة بموجب اتفاقية عام 1991 بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي، والتي نصت على السحب المتبادل للأسلحة النووية التكتيكية من الخدمة على متن سفن وغواصات القوات البحرية للبلدين، وتحت هذا البند وقعت الصواريخ المجنحة بعيدة المدى المزودة بأجزاء نووية من نوع 10c غرانات لدى الاتحاد السوفييتي، ونوع ( BGM loqA)توماهوك لدى الولايات المتحدة. في الوقت نفسه يمكن للصواريخ المجنحة الحديثة المنصوبة على القطع البحرية أن تلعب دوراً استراتيجياً مهماً حتى وهي مزودة برؤوس حربية غير نووية إلا أن الاقتراح الذي عرضته روسيا أكثر من مرة للحد من هذا النوع من الأسلحة البحرية لم يلق دعما بعد من الولايات المتحدة.
بقلم: إيليا كرامنيك