تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


معادلة الأهل والطالب..

مجتمع
الأحد 13-6-2010م
غصون سليمان

سلوك لافت أخذ يخيم على الأسر السورية، وهذا السلوك لانبالغ إذا قلنا إنه أصبح ظاهرة ،وهو انشغال تلك العائلات بغالبيتها العظمى بموسم الاستنفار والاستعداد بدءاً من استقبال العام الدراسي وحتى نهاية العام وامتحانات الشهادات بمختلف فروعها.

هذه الحالة سيطرت بشكل أوبآخر على معظم الاهتمامات الاجتماعية الأخرى في رصيد العائلة ، وتحول الاهتمام داخل وخارج المنزل بالتدريس والتعليم والتسجيل بالدورات وإجراء عقود للدروس الخصوصية وبدأ الحديث عن تنظيم الوقت واستثماره حسب وقت الأبناء وراحتهم في كل منزل ، ماجعل الجميع يتشنج ويخشى عواقب نهاية العام إذا ماحصل الأبناء على العلامات التي تدعم مستقبله.‏

ما نريد تأكيده في هذه السطور هو أن البعض أو لنقل الكثير من شرائح المجتمع بالغت في التهيب من أجواء المدرسة والامتحان على السواء ولعبت دوراً واضحاً في إدخال الخوف والرعب والقلق إلى نفوس الأطفال والأبناء من حلقات التعليم الأساسية إلى الثانوية العامة .‏

فهي تلقائياً وضعت هؤلاء بتعليماتها وقوانينها المؤقتة، من ناحية هذا صحيح وذاك لايجوز في دائرة الحذر والتيقظ العالي لأجواء ومناخ الدراسة بمعنى تنبيهه مسبقاً إلى الخوف من قضايا قد يجتازها الطالب بكل سهولة إذامارس طقوس الدراسة بهدوء وراحة وتأمل مرحلة الدراسة، وبدلاً من تعزيز الدافع الذاتي عند هؤلاء وجعلهم يحرضون ملكاتهم وإمكاناتهم وقدراتهم نحو المنهاج ومايتضمنه من واجبات جرت العادة (الموضة) على سلوك أقصر الطرق وأكثرها إرهاقاً من الناحية الاقتصادية والاجتماعية ، وهي الوعد المنتظر بالدروس الخصوصية والأستاذ المنتظر لكل مادة ، علماً أن الأجواء التي يهيئها الأهل للأبناء في أيامنا هذه تجعلنا نتحسر نحن على ربعها يوم كان يحلم بعضنا أن يجلس على طاولة ليدرس المواد العلمية ويحل مسائل الرياضيات والفيزياء والكيمياء ،ويرسم الخرائط والمصورات ،أوحتى أن يتسنى له أن يسأل أي أستاذ عن إشكالية مامرت معه أوحتى لايمكن لأحد أن يعينه من أفراد العائلة بتسهيل بعض الحلول لعدد من المسائل ،ومع ذلك كان الطالب ينحت بالصخر كما يقال كي يفهم ويستوعب مالديه من واجب دراسي ، أما اليوم فأصبحنا نرى مايشبه المعسكر المغلق لأي منزل لديه طلاب وخاصة الشهادتين ،إذ ممنوع الزيارات والنزهات وحتى السفر كله مؤجل ؟؟!!‏

هذه الحالة قد تبدو طبيعية إذا تركت الأمور تسير بشكل سلس ومعقول بعيداً عن التوتر والتخويف لمناخ المدرسة والدراسة بشكل عام ولكن غير الطبيعي هو المبالغة بالتحضير والاستعداد من قبل الأهل أولاً لدرجة الاستنفار القصوى وكأن معركة الامتحانات هي الأولى والأخيرة ، وهنا بالتأكيد لاندعو للتقاعس واللامبالاة ولكن إلى الاعتدال بطريقة التعاطي مع أبنائنا وأطفالنا وطلابنا وهم يخضعون لامتحان نفسي وفكري وجسدي ،فهم أكثر حاجة إلى رؤية وجوه ذويهم مبتسمة ومنبسطة وكلام معتدل يعزز الأمل بالمستقبل ،وبالمقابل فإن دور الطالب الذي هيئت له كل أسباب الراحة ودوافع النجاح أن يراعي كل هذا الاهتمام الغيرة والحرص على مستقبله بحيث يكون منسجماً مع نفسه ودروسه مستثمراً بشكل جيد لأوقات الجد والفراغ على السواء، لأن معادلة الفرح والسرور بين الأهل والأبناء لاتقدر بثمن عندما يكون النجاح بامتياز أجمل طاقات الفرج وأغلى الهدايا التي تزين بها القلوب والنفوس والعيون لترسم كلمة «مبروك النجاح » في جميع الأماكن والمواقع التي تستحقها .‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية