وأطباء أطفال وعدد من طلبة الدراسات العليا المعنية بالتربية الخاصة وقد تم تناول مفهوم الصدمة النفسية من أبعاد مختلفة من وجهة نظر نفسية تحليلية وأيضاً من وجهة نظر الدين لمفهوم الصدمة وموقع الصدمة النفسية في برامج التنمية البشرية حيث اتخذت الإعاقة مثالاً تطبيقياً لمفاعيل الصدمة.
الدكتورة مرسلينا شعبان حسن رئيسة مجلس الإدارة في مركز الأوائل للتأهيل النفسي والتربوي قدمت بحثا حول الصدمة من جراء ولادة طفل ذي إعاقة والآثار العميقة التي تحدثها هذه الإعاقة على الأسرة والمجتمع حيث رصدت ثلاث نقاط توضح من خلالها حجم المشكلة عند الأهل الذين صدموا بولادة طفل معاق تجلت النقطة الأولى حول الصراع الكبير التي تعانيه الأسرة بين القبول والرفض وما يعكسه هذا الصراع على تأخر في تدبر العمل مع الطفل فتمضي أحياناً سنوات دون أن تتخذ الأسرة موقفا جاداً تجاه الطفل بالتالي تضيع سنوات التدخل المبكرة والهامة التي قد تعطيه فرصة جيدة في الحياة رغم إعاقته، والنقطة الثانية تمحورت حول إيقاع الحياة اليومية المريرة لذوي الأطفال جراء المتاعب التي يفرضها الطفل على الأبوين والأخوة.
والنقطة الثالثة نوهت من خلالها على القلق الكبير الذي يدور في خلد الأبوين حول مستقبل أطفالهم إذ إن الخدمات المجتمعية التي ينتظرها الأهل مازالت غير مطمئنة.
أما الدكتور هشام بزه رئيس قسم الانشغالي بالجامعة اللبنانية عرض مفهوم الصدمة تبعاً لوجهة نظر ميلاني كلاين أي الصدمة جراء ولادة طفل ذي إعاقة وقدم أفكارا هامة لمفهوم الذات عند الطفل المعاق حركياً من خلال الفهم المتشكل لديه عن صورة الجسد والعجز الأدائي لوظائف هذا الجسد والقبول والنفور الذي يلقاهما الشخص المعاق في أعين من يصادفهم مما يترتب عليه سلسلة من الصدمات المتتالية إذا لم يتح له تدخل نفسي وقبول آمن وسط عائلته.
وكانت هناك أبحاث متخصصة عن آلية العمل مع الإعاقة وبرامج تأهيل متنوعة الدكتورة حنان هلسا من الأردن قدمت برنامجاً لتعديل السلوكات الخاطئة والمضطربة عند الأطفال من ذوي الإعاقة تبعاً لمدرسة العلاج النفسي السلوكي ولاسيما رؤية العالم (باندوره).
وعرض الباحث محمد الحصري من الجامعة اللبنانية توصيفاً شاملاً لآليات العلاج الانشغالي في العمل مع المعوقين من عمر مبكر وحتى التأهيل المهني وقدم فهماً مبسطاً لمفهوم العلاج الانشغالي بأنه العلاج المبني على الاستفادة من الزمن في تعليم السلوكات الهادفة بدءاً من المهارات الاستقلالية وحتى التأهيل المهني الذي يلزمه توظيف لمهارات متعددة عند الشخص المعاق.
وقدم الدكتور عبد المسيح خلف صوراً للصدمة النفسية في العيادة وكيفية تدبرها من وجهة نظر الطب النفسي والعلاج النفسي التحليلي وكيف تتبدى بأعراض مختلفة حادة ومزمنة بالعيادة النفسية، كما قدم شرحاً تاريخياً للعمل على الصدمة صدمة الحروب والمواقف المحبطة والمتعددة في العصر الحديث والتي نجدها في العيادة النفسية من خلال الاكتئاب والانهيارات النفسية.
أما الدكتورة منى شرباتي محللة نفسية من لبنان أكدت على فكرة المكبوتات المتكررة التي يعانيها المرضى كجزء من دفاعاتهم الأولية للتكيف حيث تطفو على السطح جراء أي حدث مفاجىء وتحصل الانهيارات، هنا يكون التدخل العلاجي النفسي التحليلي ليس متوجهاً للأغراض التي أتى بها المريض وإنما يتم العمل على البنية النفسية والوعي بالظروف التي ساهمت في اصفاء المكبوتات لوقت طويل رغم أن فعاليتها ظلت موجودة في نفس المرضى.
رؤية دينية لمفهوم الصدمة
الأب جهاد بطاح راعي أبرنشية سيدة فاطمة ركز على العناية الإلهية التي تساعد على تقبل الصدمة مهما كانت حيث أن الصدمات النفسية التي تصيب الإنسان مهما كانت مؤلمة يجب إن ينظر إليها أبعد من الألم المؤقت.
د.محمد حبش عرض مفهوم الصدمة النفسية بوجهة النظر الاسلامية وأشار أنها اتبلاء لاختبار رباني تيسر للإنسان التطهر المستمر من كدمات الزمن ويجب أن لا تثني المؤمن من دوام المحاولة للسعي والاستعانة بكل السبل الأخرى التي حبانا الله بها.
الأب باولو دالوليو راعي دير مار موسى الحبشي قدم رؤية فلسفية روحية لمفهوم الصدمة والأزمات التي اعتبرها ملح الحياة ولا يمكن أن تكتمل الحياة والنمو الإنساني لعلاقة الإنسان بالله إلا عبر الألم حيث ان مسيرة السيد المسيح هي القدوة مسيرة آلام ولها أبعاد وجودية في كل يوم نختبرها.
وشارك الدكتور محمد أنس بركات أمين سر جمعية أطباء الأطفال في سورية ببحث هام تضمن المقاربة الطبية لولادة طفل معاق وكيفية التخفيض من الصدمة للأهل وقدم عرضاً لمراحل التطور الروحي والنمو الحركي ووضع النقاط والاعتبارات الهامة لتشخيص طفل معاق.
أما الدكتورة أنيسة الأمين محللة نفسية من لبنان فقد عملت خلاصة لأعمال اللقاء العلمي وأكدت على العمل التشاركي والرؤى المختلفة في تناول المواضيع التي تلقي بآثارها المريرة علينا.
محمد سعيد الحلبي خبير واستشاري في برامج التنمية أكد أن المواضيع التي تسببها الصدمات النفسية سواء أكانت أسبابها بفعل الطبيعة كالزلازل والفيضانات أو بفعل الإنسان كالحروب والعوز الغذائي والإعاقات فإنها تشكل أولويات التنمية، أما الدكتور عادل عقل: تحدث عن الدواعي لعقد مثل هذا اللقاء العلمي من كون الصدمة النفسية تشكل محوراً أساسياً في الأمراض النفسية ولاسيما في العيادات النفسية التحليلية بدءاً من الأحداث الصادمة للطفولة إلى الأحداث المفاجئة الزائدة عن حمولة الجملة العصبية.