فالحاجة ملحة لتلمس أكبر قدر من الآراء النقدية والأصداء المختلفة بين الأوساط المتنوعة من المتلقين، جراء منح فرصة المواجهة الطويلة في زمنها بين الجمهور وهذا النتاج الذي أراه ثرياً وإشكالياً في آن. لذا أرى ضرورة ملحة في عرض الأعمال الفنية هذه لأطول فترة ممكنة من المواجهة بين لوحات مؤثرة ومتذوقين.
الأعمال المعروضة هذه بأبعادها المختلفة والتي تنزاح للمساحات الكبيرة تؤكد بوضوح وجلاء أن هذه التجربة الشابة ليست إلا علامة فارقة وبامتياز، فيما نرى من تجارب تنهال علينا بلطف وتأثير في العروض المتنوعة التي تستقطبها أغلب الصالات والتي تضعنا في حالٍ من التفاعل الحقيقي معها وتصرح كذلك بأن التشكيل المحلي يذهب بسياقه إلى آفاق رائعة تحصن مكانة عظيمة في التشكيل العالمي، وضمن هذا المناخ المبشر تؤكد تجربة الفنان مطيع مراد تفردها وقدرتها على التطور والتجدد في اتجاه موضوعي ومتصاعد.
يمتلك الفنان حساسية عالية تجاه اللون بشكل لا يدع مجالاً للريبة، تقوده هذه الحساسية للاشتغال على السطح اللوني وفق هارمونية أو انسجام أو تناغم شديد النجاح في خلق الفضاء التجريدي الذي اختاره منذ سنوات قليلة ليكون حاملاً لفكره وفلسفته وليجسد لغته التعبيرية هذه، واللافت هذا الانتقاء لعدد كبير من الألوان بدرجات متنوعة، وهنا نرى أن التضاد اللوني وجد مكاناً إلى جانب الدرجات المتقاربة والألوان المتكاملة، ليتحقق التناغم المسيطر على حالة الحركية التي تصنع كل ما عرض. من هنا نستطيع القول إن أعمال الفنان مطيع مراد تمتلك مزيداً من الحيوية في سطح تصويري استطاع توظيف العناصر الهندسية لخلق أجواء تجاوزت كل ما يقترب من الرتابة.فالخط الأبيض العريض مثلاً يجد مساره في مقدمة مساحات اللون المتنوعة بشكل تأليفي يختلف بين لوحة وأخرى تبعاً لآلية الاشتغال ضمن اللوحة ذاتها وبرقابة وتفكير هادف لخلق أثر عام متفرد يسهم في خلق كيان لوحة بعينها.
كذلك فإن الشكل المبتكر يتنوع بين مساحات رأسية أو أفقية، منتظمة أو ماثلة، تضيق وتتسع، تتقاطع بمسارات متنوعة بين عفوية وأشكال رياضية. وذلك بحضور مفصل انتقالي تجددي في التجربة المتطورة حيث نتلمس بداية هذه المرحلة ونتاجها الراهن الذي يشكل لنا كمتابعين مشعراً لمسارها وتطورها.