يرصد مؤلف الكتاب ( أورتادو دي مندوثا 1503-1575 ), الذي كان أديبا وشاعرا ومحاربا ودبلوماسيا, وقائع المناورات والمواجهات في جنوب اسبانيا بين أقلية مسلمة تحارب بأسلحة بدائية وتنتظر عونا من الأتراك والمغرب والجزائر, وامبراطورية صاعدة أعلنت عن نفسها عام 1492 بعد أن سقطت غرناطة, وسلمها الملك أبو عبد الله محمد الصغير للملك فرديناندو الخامس.
يقول مندوثا: إنه اختار «طريقا ضيقا وشاقا وعقيما بلا مجد لكنه ذو فائدة للاجيال القادمة» بالتأريخ لثورة «المتمردين من المسيحيين الجدد» من الذين أكرهوا على اعتناق المسيحية وخاضوا الحرب ضد الملك الكاثوليكي فيليب الثاني. ورغم شهادته أحيانا في حق الموريسكيين - وهم بقية العرب المسلمين الذين تظاهروا بأنهم كاثوليك هربا من البطش- فإنه يطلق عليهم اسم «الأعداء» الذين هزموا في نهاية الأمر « وتم اخراجهم من أراضيهم وطردهم من منازلهم, وتم أسر الكثيرين من الرجال والنساء الذين تم تكبيلهم بالقيود وتم أسر الاطفال أيضا, وبيعهم في المزادات أو حملهم الى أراض بعيدة عن وطنهم الاصلي.
يشهد المؤلف بعزيمة المسلمين في حرب صعبة لم يكن الانتصار فيها مضمونا حتى إنه «في بعض الأحيان لم نكن نعرف إذا ما كنا نحن أو أعداؤنا هم من أراد الرب معاقبتهم.»
تقع الترجمة العربية للكتاب في 227 صفحة من القطع الكبير وأصدرها المركز القومي للترجمة في القاهرة, وقامت بها إيمان عبد الحليم أستاذة الأدب الاسباني بجامعة القاهرة وسلوى محمود أستاذة الأدب الاسباني بجامعة حلوان. وراجع الكتاب جمال عبد الرحمن أستاذ الأدب الاسباني بجامعة الازهر الذي يصف المؤلف مندوثا بأنه «كان متمردا على الأوضاع وأن كتابه تجاوز عدة خطوط حمراء» ولهذا لم ينشر قبل عام 1627.
يقول مندوثا: إن ترتيبات اتخذت بعد عام 1492 منها محاولات «لإقناع المسلمين باعتناق المسيحية رغبة في أن تكون مملكة اسبانيا بأكملها مملكة مسيحية» ثم لجأ الملكان الكاثوليكيان فردينادو وايزابيل الى «تعميد المسلمين» قبل إنشاء محاكم التفتيش التي ضغطت على الموريسكيين «بشكل غير عادي» إذ حظر الزي الخاص بهم, وكذلك لغتهم وموسيقاهم وغناؤهم وإقامة الأعياد واحتفالات الزواج وأن تظل أبواب بيوتهم مفتوحة.