ومن يحظى بفرصة عمل محظوظ أو مدعوم ، و لدى الحديث عن برنامج التشغيل البعض منهم سخر قائلاً .. عن أي برنامج تتحدثون ؟ .. لا أظنه سوى أنه مجرد مركز لا يلامس حاجتنا الفعلية للعمل لبناء حياتنا و العيش بكرامة و المشاركة في التنمية المجتمعية ، و آخرون ملوا من الانتظار في أرتال العاطلين عن العمل بانتظار فرصة تأتي أو ربما يمضي الشباب دون أن تأتي ، بينما ينظر إليه البعض على أنه لا يخرج عن دائرة الوعود الوهمية المعسولة أو إبرة مسكن لتلك الأعداد المتزايدة طلباً للعمل أو بطالة بأقنعة جديدة ..
فما هي الحلول لتلافي مشكلة البطالة ، و هل فعلاً حقق برنامج التشغيل الغاية المنوطة به ؟ عدة تساؤلات تم طرحها في ندوة الثلاثاء الاجتماعي تحت عنوان « برنامج التشغيل في سورية « بمشاركة عدد من المختصين بعلم الاجتماع و طلاب جامعيين ، حيث أثار الحاضرون بعض إشارات استفهام حول برنامج التشغيل و إن كان يلبي طموحات الشباب في عمل مستقر و حياة لائقة .
الأمان الوظيفي
الصعوبات و الحلول تناولتها الدكتورة أمل معطي – مدرسة في قسم علم الاجتماع – حيث أشارت إلى أن الشباب يشكلون غالبية السكان في سورية حسب إحصاءات المكتب الوطني للإحصاء ، و بالتالي فإن إشراك الشباب في برامج التنمية يشكل أساساً للعملية بأغلبها ، فهي تسعى لتحسين شروط الحياة للمواطنين بشكل عام أو للشباب بشكل خاص ، و في سورية يتوافد الشباب أكثر فأكثر إلى العاصمة أملاً في إيجاد أي فرصة عمل ، و السبب هو أن الكثير من العاطلين عن العمل ينخرطون في أعمال هامشية لا تدخل في عملية التنمية ، علماً أن الشباب السوري مطلوب في سوق العمل في الخارج ، لأنه حين يخرج يبدع و يحصل على أعلى المواقع نتيجة قدرته على الإبداع ، و هنا يمكن التطرق إلى مشكلات الشباب بين قرارات تصدر و قرارات تلغى لعدم فاعليتها ، لأنها مستمرة منذ سنوات حين تطرح الأفكار و القرارات من مكاتب التشغيل التي كثر الحديث عنها حالياً من أجل وجود حل .
و لإيجاد حل لا بد بداية التعرف على برنامج التشغيل فهو عبارة عن حل مؤقت لمشكلة البطالة عند الشباب يمكن تطوير آلياته عبر وسائل تترجم عملياً باعتبار أن البرنامج شكل خطوة إيجابية لحل مشكلة البطالة في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة في الوقت الراهن ، و تأتي أهمية البرنامج كون معظم الشباب يفضلون العمل الحكومي لأن شريحة كبيرة من الشباب السوري يرون في الوظيفة الحكومية أماناً وظيفياً و استقراراً نفسياً ، الأمر الذي يدفعهم للحصول على الوظيفة الحكومية و انتظارها لفترة طويلة ، و هنا يأتي الاهتمام ببرنامج تشغيل الشباب الذي اعتمدته الدولة ، فتحقيق الأمان الوظيفي يعتبر حاجة مهمة من الحاجات الأساسية للشباب في الحياة و العمل ، و بالتالي فإن احتواء المؤهلين الراغبين في العمل و تعيينهم في الوظائف التي يستحقونها يحقق نوعاً من الدفع بعملية التنمية .
العقود السنوية
و أشارت د . معطي إلى الأسس التي يرتكز عليها البرنامج ، و هي العقود السنوية التي لا تحقق الاستقرار الوظيفي في ظل غياب البيئة التشريعية و الإدارية و الرقابية ، و حالة القلق المرتبطة بإمكانية إنهاء عقد الشاب في أي لحظة ، و انخفاض الأجور المرافق لارتفاع المستوى المعيشي ، بينما المطلوب من برنامج التشغيل رفع مستوى دخل الشاب و الحد من ارتفاع الأسعار و إيجاد فرص عمل للشباب ، وهنا يتحدد الجانب العملي بتوظيف الشباب عبر سياسات اقتصادية متكاملة تحفز الاقتصاد على إيجاد فرص عمل في القطاعين العام و الخاص ، إضافة إلى تنظيم برامج تأهيل و تطوير مهاراتهم للاستفادة من الفرص المتاحة في ظل وجود نوع من البطالة ، لذلك يمكن أن يكون البرنامج جيداً إذا كانت فرص العمل المتاحة ناجمة عن نمو اقتصادي حقيقي ، و في الوقت نفسه يمكن أن يكون له نتائج سيئة على الشاب و الحكومة ، في حال كانت هذه الفرص وهمية تتمثل في تأمين فرص عمل محدودة تؤدي إلى زيادة في البطالة المقنعة .
عدالة التوظيف
و برأي د . معطي أنه لكي يحقق برنامج التشغيل النجاح لا بد من إيجاد فرص عمل منتجة من خلال الاهتمام بالتعليم المهني الذي يغني الحكومة عن إعداد برامج تشغيلية حين تتوفر الكفاءات البشرية ، و الاهتمام بالقطاع الزراعي فهو يستوعب النسبة الأكبر من اليد العاملة فهو يؤمن مستلزمات المعيشة بشكل جيد ، و عدالة التوظيف التي تقتضي إقامة برامج اجتماعية تراعي الوضع الاجتماعي و الاقتصادي للشباب ، ما يشكل خطوة إيجابية تلبي جزءاً من متطلبات الشباب .