إذ انصرف بعضهم كالببغاء لترديد تبريرات الرئيس الاميركي المأزوم بخصوص عدم تنفيذ تهديداته غير الأخلاقية تجاه إيران، كالجزم بعدم سقوط جنود أميركيين خلال استهداف القاعدتين الأميركيتين في العراق، في حين انصرف البعض الآخر لتضخيم حدث هامشي للنيل من سمعة إيران والضغط عليها وتحميلها مسؤولية الضحايا المدنيين الذين سقطوا على متن الطائرة الأوكرانية المنكوبة.
بداية كان الرد الإيراني على جريمة ترامب أكبر وأسرع من أن يتوقعه أي موال أو معجب بالغطرسة الأميركية، فقاعدة عين الأسد هي أهم قواعد الاحتلال الأميركي في العراق، وهي القاعدة التي يقصدها الرؤساء الأميركيون أثناء زيارتهم الخاطفة للعراق كونها الأكثر تحصينا وتسليحاً، وهذا يعني أنه لن يتجرأ أي رئيس أميركي بعد اليوم على زيارة العراق بنفس الطريقة اللصوصية، كما أنه لن يكون بمقدور أي عسكري أميركي أن يشعر بالأمان في العراق ولا في سورية، وخاصة بعد سقوط الهيبة الأميركية كاملة بصواريخ الرد المزلزل، والذي كان من نتائجه عزم الكونغرس على الحد من صلاحيات ترامب بخصوص الحرب على إيران، في الوقت الذي فوض كامل الشعب الإيراني وكذلك برلمانه السيد خامنئي بالانتقام من الأميركيين على جريمتهم النكراء.
فيما يخص الطائرة الأوكرانية المنكوبة عبرت القيادة الإيرانية عن مستوى عالٍ من الأخلاقية سواء عبر تحمّل مسؤولية إسقاط الطائرة بالخطأ والتعزية بالضحايا وفتح تحقيق لمعرفة ظروف الحادث ــ وهو ناجم عن خطأ بشري غير مقصود سببه التهديدات الأميركية لإيران ــ إذ إن احتمالية الخطأ واردة كثيراً في الحالة التي كانت تمر بها إيران في الأيام الماضية، أي المواجهة مع أكبر قوة شر وغطرسة وعدوان في تاريخ البشرية، وهي مواجهة تنطوي على الكثير من المجازفة والاحتمالات الخطيرة جداً.
إن قليلاً من التمعن فيما جرى ــ وهذا ما يصرح به مسؤولون أميركيون ويقوله الإعلام الأميركي ــ يحمّل ترامب وإدارته كامل المسؤولية عن كل ما جرى وصولاً إلى سقوط الطائرة بالخطأ، لأن جريمة اغتيال الشهيد سليماني قد عرضت أمن المنطقة والعالم كله للخطر..!