ويبدو أن تنمية الإحساس بالمسؤولية يرتبط، في جزء هام منه على الأقل، بالتربية القائمة في البيت وفي المدرسة.
فالفوارق في قدرات الأطفال ترتبط بالقيم التي تروج لها الأوساط الأسرية. والقيم التي تشدد على الطاعة والخضوع والامتثال للمعايير السائدة، تختلف عن القيم التي تؤكد على المبادرة الذاتية وعلى المحددات الفردية للطفل.
ذلك أن الأسر التي تؤكد على الطاعة والخضوع للكبار، فإنها تثمن بذلك الأنشطة التي تدعم التبعية. وعكس ذلك فإن الأسر التي تحاول تنمية الفضول والفكر النقدي فإنها تثمن الأنشطة الذاتية للطفل.
وندرك الدور المحرك الذي تلعبه الأنشطة الذاتية للطفل في تطوير بنياته الفكرية والرفع من استعداده وقدراته لإدراك ذاته ومحيطه وقدراته على التنبؤ بنتائج الفعل الذي يقوم به.
وعلى سبيل المثال فإن مراقبة بسيطة للأطفال المتعثرين تجعلنا نقف على الصعوبة التي يجدونها في استباق نتائج أفعالهم والصعوبة في اتخاذ قرارات تهم مصيرهم، كونهم لا يمتلكون حسا بمراقبة المحيط ولا يتبنون مواقف نشطة تعتمد في ضبط هذا المحيط وإمكانية تغييره، ولا يستطيعون، في مواجهة ذلك، سوى التهرب من المسؤولية والتمرد والعصيان ورفض الواقع والبحث باستمرار عن مساعدة من الآخرين أو إنقاذهم.
وهنا يمكننا القول إن الحس بالمسؤولية والحس بمراقبة المحيط تشكل مواقف تكاد تعتبر مركز قوة الذات، حيث سيمكنه ذلك من الوعي بالمهام المنوطة به واكتشاف ما هو مطلوب منه من جهد واستثمار لموارده وموارد محيطه. هذا يحتم أن تكون التربية على الحس بالمسؤولية محور وظيفة المدرسة,