بحيث بات مجرد إحياء المناسبة أو ذكرها في خطاب أو قداس فاتيكاني يقض مضجع أردوغان وزمرته الحاكمة ويضعهم في موقف لا يحسدون عليه.
بالأمس لم تحتمل حكومة الطاغية أردوغان مرور بابا الفاتيكان على هذا الحدث المؤلم ولو من باب مواساة الشعب الأرمني بهذه الفاجعة التاريخية الكبرى، فجن جنونها واستدعت السفير البابوي في أنقرة للاحتجاج، في تصرف ينمّ عن كم هائل من الفجور والإنكار والوقاحة لا يقدم عليها سوى عتاة المجرمين والطغاة.
لكن الأكثر فجوراً ووقاحة في تعاطي أردوغان وزمرته مع مأساة الشعب الأرمني ليس الاستمرار في إنكارها والتنصل من تحمل مسؤوليتها، وإنما الاستمرار بارتكاب المجازر بحق الأرمن وغيرهم من شعوب المنطقة ومجتمعاتها على يد تنظيم داعش الإرهابي وباقي التنظيمات الإرهابية المحسوبة على تركيا والمدعومة من قبلها، وما جرى خلال أربع سنوات في سورية من جرائم وانتهاكات وتدمير ونهب ودعم للإرهاب يشكل مضبطة اتهام طويلة بحق تركيا وحلفائها من دول المنطقة والغرب.
إنكار تركيا المستمر لجريمة الإبادة بحق الأرمن، وعدم تحمل المجتمع الدولي مسؤوليته عن محاسبتها على مأساة العصر يشجعها ويشجع الكيان الصهيوني والمملكة الوهابية على ارتكاب المزيد من المجازر بحق الشعوب الضعيفة، ولا أحد بإمكانه أن يفهم كيف يُجرّم كل من ينكر المحرقة النازية بحق اليهود، وهو حدث مزعوم تحمل وزره العرب أكثر من غيرهم رغم براءتهم، في حين يُغض الطرف عن إنكار تركيا للإبادة الأرمنية وهي حدث مثبت وموثق ترك تداعيات خطيرة على حياة ومستقبل شعب كامل.
ولكن رغم نفاق الغرب وتغطيته لجرائم أردوغان اللاحقة على يد الدواعش وغيرهم ستبقى لعنة الإبادة تطارده وتطارد حزبه وزمرته الحاكمة المعتدة بأصولها العثمانية، ولن يكون بمقدور تركيا الإفلات من غضب الشعوب ولعنة التاريخ..؟!