ورأى ان حلب مركز الكون حيث هو، فلا مصر ولا الكوفة ولابغداد، ولا أي مدينة من المدن الاخرى او الحواضر استطاعت ان تنسيه حلب.
انها حلب الشهباء، حلب الحضارة والتاريخ، حلب الطرب والنغم، وقبل هذا وذاك واسطة العقد في العالم، ما بين الشرق والغرب، على درب الحرير،وهي الثغر الذي نافح عن العرب يوم ناموا وتركوا الاوطان عرضة للغزاة، ولم يكن الا سيف الدولة فارسا عربيا نبيلا، يصون الارض والعرض، وكيف لايأمن العراق ومصر وسراياك دونها والخيول.
نعم هي حلب، التاريخ يعيد نفسه، لان الغزاة لم ولن يتبدلوا عبر مسارات الزمن، نافح سيف الدولة عن حلب ثغرا من الثغور المتقدمة التي تحمي وتصون، واليوم هي كذلك تدفع الضريبة ومعها سورية كلها، وكانت دفعته ايضا يوم اتى الجراد العثماني وارتكب افظع الجرائم والمجازر بحق ابنائها.
حلب سيف الدولة، وابي فراس والاصفهاني ووو ويقظة عبد الرحمن الكواكبي وبذور الثورة العربية واليقظة ضد المستبد والمحتل العثماني، نعم هي اليوم ذاتها تفرد اوراقها، وتغرد للحياة للامل وتقاوم.
درب حلب
درب حلب، ليس كتابا عابرا، ولا نصا عاديا كتب بحبر عادي، انه دفقة شعور انسكبت من مرارة الالم وعبق الامل، درب حلب كما تحمل هذه الجملة من دلالات ومعان، اراد الدكتور نضال الصالح ان يقدمها لنا على طبق من ورق الذهب المصنوع من حبر العيون، وخبز الامهات، حلب العمل والامل، لم تكن في يوم الايام الا الواحة الغناء لمن تاه في الدروب،يأتيها عطشا فيروى من ظمأ ويشبع بعد جوع، ويلبس بعد عري، حلب التي استطاعت ان توقظ الامة من سباتها وتدفع بالفكر الى المصاف الاولى لتكون الانتفاضة ضد الاحتلال العثماني البغيض، حلب هذه دروبها خضراء كالندى، بهية كما ظلال الله على الغوطة، فماذا يقدم لنا الدكتور نضال الصالح من دروبها واي الشعاب اراد ان يقف عندها؟
في عمله الابداعي هذا الصادر عن دار الشرق بدمشق، يبسط امامنا الدرب الاخضر، ويفرش الكلمة وردا ووعدا، قدم له الاستاذ نبيل طعمة: مفردات خططتها تحمل العرفان لفكره الوضاء الذي انجب المؤلفات، وننتظر جميعنا المزيد، آملا من الكلّي ان يعزز جهدك الذي يلفت نظره اليك، فيتجلى الوحي بين ما تريد الوصول اليه، ولاشك ابدا بانك واصل.درب حلب مجموعة من النصوص التي تعمدت بماء الابداع، وجاءت لتكون دربا يضاف الى دروب حلب، يقع الكتاب في 147 صفحة من القطع المتوسط
يبدأ الاستاذ الدكتور نضال الصالح كتابه هذا بمقدمة حملت عنوان هذه النصوص ليضيء على احوال ووقائع كتابتها وكيف جاءت لتكون كتابا متكاملا، يشمل اكثر من خمسين نصا ادبيا رائعا متقد الدلالات والمعاني مشحونا بطاقة العطاء المستمدة من نسغ الحياة والقادرة على ان تبقى ندية خضراء لاتموت مجرد قراءتها، لا ابدا هي من ميراث الكلمة الابدية التي كانت في اول الكون، وستبقى الفعل الى نهاية الامر.
من عناوين النصوص نذكر: صلاة للعام الجديد \ في موقف الحب \ وما شبه لي\ تقول الحكاية\ حبة القلب \ عيون المها\ بحر سورية \ رسائل الشوق \ حجر الدم \ ثم كان النص \ شال مريم سورة الوعد بردة الناصري\قصر البنات \ حسر الشر\ والسماء ذات البروج \ لما دنا الركب \ قالت لي الارض \ الخالدون درب حلب \ صحاح الجوهري \ شام شريف \.
درب مشيناه
ومن نص بعناوين درب حلب نقتطف: طوال الطريق وروحي مترفة بالاغنية (درب حلب ومشيتو) وطوال الطريق وعيناي مثخنتان بدمع دم، فما من درب وما من اشجار زيتون، بل رجال تلوح جباههم شمس تموز الغاشمة، رجال كانما قدّت قاماتهم وارواحهم من الفولاذ، رجال يحرسون الناس والسيارات والقوافل من ابالسة الدم، الموت الخراب، وكنت اعيد حياكة الاغنية, انسج قطنها الحلبي من دمقس الشام وارجوان البحر، وكمأ الصحراء.
حلب، هي دروبنا الى الغد، الى الحياة الى الامل، ولن ننكسر، لن ننحني، حلب القلعة من الالف الى الياء.من سيف الدولة الى كل شبل يتابع درب الثغور بوجه طغاة التاريخ سنردد:
قعد الناس كلهم عن مساعيك.. وقامت بها القنا والنصول
شكرا لك حلب.. شكرا لكل حبر معطر بترابك ومن وحيك