تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


سينما باراديسو

ثقافة
الخميس 2/10/2008
بقلم الدكتور إحسان هندي

عشاق الفن السابع في جميع أقطار العالم لا بد أنهم رأوا الفيلم الفرنسي-الايطالي »سينما باراديسو« أو قرؤوا وسمعوا عنه,

وقد ظهر هذا الفيلم في ثمانينيات القرن الماضي, وتدور أحداثه حول دار للعرض السينمائي تعيش آخر أيامها لأنها ستهدم بعد مدة قصيرة لكي يُستخدم مكانها كساحة لوقوف السيارات بالأجرة (باركينج).‏

وبطل الفيلم وهو الممثل الفرنسي فيليب نواريه عمره من عمر السينما الناطقة (1927) وقد شاهد سلسلة من الأفلام العظيمة, واللقطات النادرة, وبعضها ارتبط بذكريات حميمية بالنسبة له, لذا فإنه يعاني من مشاعر الأسى الدفين حين يتذكر أن سينما باراديسو (أي الفردوس باللغة العربية) ستزول وتزول معها ذكريات ذلك الزمن الجميل حين كانت مشاهدة الفيلم السينمائي تتم باحتفالية خاصة لا أحلى ولا أجمل.‏

>>>‏

تذكرت هذا الفيلم, ومقدار الحنين الى الماضي نوستالجيا( NOSTALGIE) الذي كان يشعر به بطل الفيلم, وذكرياته عن الأفلام الجميلة التي شاهدها في سينما » باراديسو« والغم الذي كان يشعر به عندما كان يرى الأعمال التمهيدية لإغلاق هذه السينما وهدمها, تذكرت كل ذلك عندما كنت أجتاز, قبل عدة أيام بساحة العاصي في مدينة حماة, حيث تقوم حتى اليوم »سينما الشرق« وهي دار العرض الوحيدة التي بقيت تعمل في المدينة, بعد أن كان بها عشرة دور عرض تقدم كل منها ثلاث حفلات يومياً في خمسينيات القرن الماضي كما أذكر!‏

وقد شعرت تجاه سينما الشرق بذات الشعور الذي كان بطل فيلم »سينما باراديسو« يعاني منه: الحنين المفعم بالأسى لذلك الماضي الجميل, حين كنا نصطف بالعشرات أمام شباك التذاكر لمشاهدة واحد من الأفلام الأجنبية الرائعة من نوع (ذهب مع الريح, كنوز الملك سليمان, أحدب نوتردام, أنشودة شهرزاد, لن أبكي أبداً...) أو الأفلام العربية الممتعة مثل: (ردّ قلبي, لحن الخلود, غزل البنات, امرأة على الطريق, شباب امرأة جميلة...) ولا أزال أذكر حتى اليوم الحفل الذي تمّ به افتتاح دار (سينما الشرق) في مدينة حماة كان ذلك قبل ستين عاماً بالتمام والكمال (سنة 1948), وقد تمت دعوة جميع أساتذة وطلاب المدارس الثانوية لرؤية فيلم الافتتاح مجاناً, ثم عرفت هذه الدار, بهمة صاحبها الصحافي المعروف محمد الحافظ, ازدهاراً مادياً وفنياً, ولكن ها هي اليوم تعيش آخر أيامها, والدليل على ذلك أنها لم تعد تعرض إلا فيلماً واحداً مع مباراتين رياضيتين بكرة القدم (إحداهما أجنبية والثانية عربية), والفيلم الذي يعرض قديم ويستهلك وليس له أي طابع فني.‏

إنني لا أعرف اليوم من هو مالك أو مستثمر هذه الدار, ولا يهمني أن أعرف, وكل ما يهمني هو أن تعود هذه الدار- وهي آخر دار عرض في مدينة حماة كما سبق لنا القول- الى نشاطها في عرض الأفلام الجيدة الأجنبية والعربية, والعروض المسرحية كذلك.‏

وحبذا لو استملكتها وزارة الثقافة, أوالمجلس البلدي لمدينة حماة, ليجعلا منها »سينما كندي« أخرى, كما حصل في كل من دمشق وحمص واللاذقية.‏

إن السينما هي أحد أعمدة الفن السبعة, وهي مكون ثقافي لا يصح أن يهمل, وليس صحيحاً ذلك الادعاء بأن الأفلام التي يمكن رؤيتها في السينما يمكن رؤيتها على شاشة التلفزيون المنزلية, لأن السينما هي »فرجة ثقافية احتفالية« , بينما رؤية الأفلام التلفزيونية ليست أكثر من »تسلية وتمضية وقت«!!‏

ويضاف الى ذلك أن هذه الدار, إذا أُعيد تأهيلها, يمكن أن تستخدم كقاعة مسرح أو قاعة للاجتماعات كذلك وعموماً فإنه من المستغرب تماماً أن تتوقف دار »سينما الشرق« عن العمل, كما حصل في «سينما باراديسو» وتصبح مدينة حماة وهي رابع مدينة من حيث عدد السكان في سورية خالية من أي دار عرض سينمائي!‏

ورحمة الله على الأيام الخوالي فيك يا مدينة أبي الفداء!.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية