كأمر واقع يعيد الأمور إلى المربع الأول حيث لا يزال يجثم المشروع الأميركي بكارثيته ودمويته فوق صدر المنطقة التي بدأت اختلاجاتها تظهر وتبرز بشكل حاد تنتظر المزيد من حماقات وجنون أصحابه وصولا إلى لحظة الانفجار الكبير الذي سيأتي على كل ما هو غريب وطارئ وعابر.
الجديد في سلوك الولايات المتحدة هو تحولها الصارخ من الرهان على نجاحات وانجازات شركائها وأدواتها في الإرهاب، تلك النجاحات التي كانت تأملها وتترجاها الأخيرة منهم، إلى الرهان والاستثمار في تبايناتهم وصراعاتهم وعجزهم وهزائمهم على مختلف الجبهات السياسية منها والميدانية بدءاً من التركي والسعودي وليس انتهاء بالتنظيمات الإرهابية في الميدان.
بموازاة ذلك حافظت الإدارة الأميركية على موقعها المتراجع مؤقتا إلى خلف الكواليس بهدف الحفاظ على قدراتها العالية في المراوغة والمناورة وبنفس الوقت ممارسة دورها كآمر وحيد للعمليات بعيدا عن الأضواء مع إدراكها لأهمية إبقاء الباب مشرعاً على حديث الشائعات والإيحاءات والصيد بالماء العكر.
غير أن الثابت الوحيد في ارض المعركة رغم كل ذلك الصخب والضجيج المفتعل المصحوب بذلك الكم الهائل من المتغيرات التي تتصارع حوله كنتاج طبيعي لحفاظه على بنيته وكينونته، هو ذلك الصمود الأسطوري والاستثنائي للشعب السوري وجيشه الباسل، الذي لايزال يثبت انه الحلقة الأقوى والصخرة الأصلب التي تتحطم عليها كل المشاريع والمؤامرات الاستعمارية مهما اشتدت واحتدت وتصاعد لهيبها الذي ستأكله رباطة جأش السوريين وإيمانهم الكبير وثقتهم المطلقة بالنصر.