تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


الأمن الإسرائيلي في ميزان المصالح الأميركية

شؤون سياسية
الخميس 1-4-2010م
وائل ديوب

من داخل القدس المحتلة أكد نائب الرئيس الأميركي جوزيف بايدن أن مواجهة البرنامج النووي الإيراني تمثل واحدة من أولويات الإدارة الأميركية وهي عازمة على منع إيران من الحصول على أسلحة نووية،

وأعلن بالفم الملآن أن لإسرائيل الحق الكامل بالدفاع عن مصالحها الوجودية لكن.... عليها مراعاة المصالح الأميركية في الشرق الأوسط.‏

والثابت في السياسة الخارجية للولايات المتحدة الأميركية هو النظر إلى تلك المصالح على أنها جزء من أمنها القومي، وأن حمايتها يتطلب قطع آلاف الأميال من أجل بسط النفوذ الأميركي في مختلف المناطق غير مبالين بما يستخدمونه من وسائل غير شرعية أو بالأضرار التي تنعكس على شعوب هذه المناطق.‏

وقد حددت دراسة استراتيجية حول مستقبل أمن الشرق الأوسط بعضاً من المصالح الحيوية والدائمة للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، أبرزها مكافحة الإرهاب ومنع إنتاج أسلحة الدمار الشامل واستقرار إمدادات الطاقة، وطبعاً ضمان استقرار الأنظمة الصديقة، وقبل كل شيء ضمان أمن إسرائيل، دون الالتفات إلى تناقض مواقف الإدارة الأميركية وتخبطها أو الاكتراث بتزايد شعور الكراهية تجاه أميركا والغرب المتحالف معها.‏

وهذا ماعبر عنه الجنرال دافيد بترايوس، حامي الحمى في منطقتي الشرق الأوسط وآسيا الوسطى عندما حذر في جلسة استماع بمجلس الشيوخ من أن الصراع في الشرق الأوسط ومحاباة أميركا لإسرائيل يحد من دفع المصالح الأميركية في الشرق الأوسط ويقوض الشراكات الأميركية مع حكومات وشعوب المنطقة ويضعف شرعية الأنظمة المعتدلة فيها، ويؤجج المشاعر المعادية للولايات المتحدة.‏

وفي دراسة أخرى بعنوان حماية المصالح الأميركية في الشرق الأوسط نلمس كيفية حماية هذه المصالح إلى حد الاقتراح باستحداث نظام أمني إقليمي لهذه الغاية، الأمر الذي يقتضي خلق منطقة خالية من العنف ولاتؤوي الإرهاب أو تدعمه، أي المقاومة، و إخلاء هذه المنطقة من أسلحة الدمار الشامل، دون تعريض أمن الكيان الإرهابي الصهيوني للخطر، واستثنائه من المساءلة أو حتى التلميح لترسانته من الأسلحة النووية وغيرها.‏

وفي الوقت الذي تبارى فيه المحللون بالقول إن لا ضوء أخضر أميركياً لعملية عسكرية اسرائيلية ضد المنشآت النووية الإيرانية، فإن زيارة بادين لإسرائيل في سياق التحذير من العواقب الإقليمية لهكذا عملية، وهذا طبعاً ليس حباً بإيران ولاحرصاً على سلامة المنطقة، لكن المصلحة الأميركية أولاً.‏

غير أن نتنياهو حدد لبايدن مسبقاً إطار المصالح، مؤكداً أن حكومته تنطلق من المصالح الأمنية الاسرائيلية في كل سياساتها، فما كان من بايدن إلا الرد ضمن هذا الإطار بالقول إنه لاتوجد على الإطلاق أي مسافة بين الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل فيما يتعلق بأمن إسرائيل، وعلى الآخرين أن يتذكروا أنه ليست هناك فجوة بين الولايات المتحدة وإسرائيل على المستوى الأمني.‏

ثم دخل المسؤولون الأميركيون في مزاد تصريحات رست نتائجه كلها في الكفة الاسرائيلية معلنين التوءمة بين أمن البلدين.‏

فلم تكد تجف بصقة اسرائيل بوجه حليفها الرئيسي، حسب تعبير يديعوت أحرونوت، حتى نفى الرئيس الأميركي باراك أوباما بذاته وجود أزمة بين بلاده وإسرائيل، مؤكداً على الرباط الخاص بينهما الذي لن ينفصم، موضحاً لنا أن الأصدقاء يختلفون في بعض الأحيان، بل والأبعد من ذلك فقد انتقد ردة فعل الفلسطينيين على الاستيطان وتهويد القدس.‏

وتأكيداً على عمق الشراكة الأميركية الاسرائيلية القائمة على المصالح منذ قيام اسرائيل، فقد تجاهل نائبه الإهانة الطازجة التي وجهتها له إسرائيل بإقرارها خطة لبناء 1600 وحدة استيطانية في القدس الشرقية، بل وصفها بأنها أفضل صديق للولايات المتحدة، و من واجب إدارته الوقوف إلى جانب الإسرائيليين في مواجهة التهديدات اليومية التي تواجههم في هذه المنطقة المعادية.‏

ثم جاء دور وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون لتحقق فتحاً استراتيجياً بإعلانها أمام المؤتمر السنوي للوبي اليهودي داخل الولايات المتحدة أن مستقبل إسرائيل صلب كالحديد وسيبقى ويستمر إلى الأبد، مؤكدة أن أي تهديد لأمن إسرائيل هو تهديد لأميركا وأن بلادها عندما تعزز أمن إسرائيل فإنها تقوي أمنها أيضاً، دون أن يفوتها أيضاً تحميل الفلسطينيين مسؤولية التحريض على العنف والتزام بلادها بمنع إيران من امتلاك قنبلة نووية.‏

ومن هنا يأتي الجواب على الإعلان المقصود عن حمل الشيفرة النووية الأميركية إلى إسرائيل خلال زيارة بايدن، وهو عدم حاجة إسرائيل إلي المخاطرة العسكرية ضد إيران، فالأمر تتولاه ولية نعمتها ولكن على إيقاع استراتيجيتها الخاصة بالشرق الأوسط وآسيا الوسطى.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية