وبالنسبة لعرب 48، شكل يوم الأرض انعطافة تاريخية في مسيرة بقائهم وانتمائهم وهويتهم منذ نكبة 1948، تلتها انعطافة ثانية في انتفاضة الأقصى عام 2000.
وبدأت قصة يوم الأرض بعد أن صعدت السلطات الإسرائيلية من وتيرة مصادرتها أراضي الفلسطينيين، لتبلغ مصادرات الأراضي ذروتها في مطلع 1976 بذرائع مختلفة، حيث صادرت سلطات الاحتلال نحو مليون ونصف المليون دونم حتى العام 1976، ولم يبق بحوزة عرب 48 آنذاك سوى نحو نصف مليون دونم .
وردا على هذه السياسة، تشكلت في منطقة الجليل «لجنة الدفاع عن الأرض» في 18 تشرين الأول 1975 التي اتخذت قرار الإضراب العام وتصعيد النضال دفاعا عن الأرض، فولد يوم الأرض الأول في 30 آذار 1976 بعد أن نشبت مواجهات دامية بين المواطنين العرب وقوات الاحتلال امتد ت طيلة اليوم التالي وخاصة في منطقة الجليل وسقط فيه العديد من الشهداء ومئات المعتقلين والجرحى، وفي العام التالي صارت ذكراه ذكرى وطنية كفاحية يحييها كل الفلسطينيين في الوطن والشتات.
ويقول رئيس لجنة المتابعة العليا محمد زيدان أن يوم الأرض بات حدا فاصلا بين مرحلتين في تاريخ مسيرة فلسطينيي 48، تميزّت الأولى بإلاذعان لسياسات إسرائيل، واتسمت الثانية بالمواجهة والكفاح لنيل الحقوق المدنية والقومية.
كما أحدث يوم الأرض تغييرا هاما في نظرة العالم العربي، الذي طالما تجاهل فلسطينيي 48 واعترت معاملته لهم الريبة والشكوك والأفكار الجاهزة .
وفي ذكرى يوم الارض، يذكر الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني أن أكثر من 85% من مساحة فلسطين التاريخية واقع تحت سيطرة الاحتلال الإسرائيلي. لكن سكرتير عام المبادرة الوطنية مصطفى البرغوثي يؤكد ان فكرة الدولة الفلسطينية المستقلة تقلصت من مساحة 45% على ارض فلسطين التاريخية كما جاء ضمن مشروع التقسيم عام 1949 إلى 11% من المعازل والكنتونات بفعل سياسة الاحتلال التهويدية .
ويشير تقرير أصدره الجهاز الاثنين الماضي أن سياسة التهويد التي تتعرض لها الأراضي الفلسطينية عبر تغيير الواقع الديمغرافي، سواء عن طريق بناء المستعمرات اليهودية أم هدم بيوت الفلسطينيين بحجة عدم وجود ترخيص، مستعرضا بالأرقام الأنشطة الاحتلالية في هذا المجال.
وأوضح ان الاحتلال الإسرائيلي صادر مئات الآلاف من الدونمات في الضفة الغربية من أصحابها الفلسطينيين لإقامة جدار الضم والتوسع حيث بلغت مساحة الأراضي الفلسطينية المعزولة والمحاصرة بين الجدار والخط الأخضر (باستثناء ذلك الجزء من محافظة القدس الذي ضمته إسرائيل عنوة بعيد احتلالها للضفة الغربية في العام 1967) بلغت حوالي 555 كيلومترا مربعا، أي ما نسبته حوالي 9.8% من مساحة الضفة الغربية.
ويجمل خبير الاستيطان ومدير مركز الخرائط للدراسات العربية بالقدس خليل التفكجي الوضع بالقول إن إسرائيل استغلت عملية السلام مع الفلسطينيين لبسط سيطرتها الكاملة منذ العام 1992 على أكثر من 33% من مساحة الضفة الغربية وخاصة في منطقة الأغوار، وذلك تحت مسميات مختلفة كالمحميات الطبيعية ومناطق الكسارات والطرق الالتفافية.
وبالنسبة للقدس المحتلة، قارن التفكجي بين ما كان يملكه الفلسطينيون بنسبة 100% في المدينة عام 1967 وما لديهم اليوم الذي لا يتعدى سوى 13%، موضحا أن إسرائيل مستمرة ومنذ ذلك الحين في مصادرة المزيد من الأرض لصالح أكثر من 200 ألف مستوطن وتسعى لإكمال بناء 50 ألف وحدة سكنية.
وأوضح أن الاحتلال أقام كذلك منطقة عازلة على طول الشريط الحدودي لقطاع غزة بعرض يزيد عن 1.5 متر على طول الحدود الشرقية للقطاع والبالغة نحو 58 كلم ما يعني اقتطاع 87 كيلومترا مربعا من إجمالي مساحة القطاع.
وهذا يعني ان الاحتلال الإسرائيلي يسيطر عبر هذه الإجراءات على ما قدره 24% من مساحة القطاع البالغة 365 كيلومترا مربعا والذي يعتبر من أكثر المناطق ازدحاما في العالم.