تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


كلام على الورق

ثقافة
الجمعة 3-1-2020
عبد المعين زيتون

في الأسطورة - وكلام الأساطير ليس عادياً - في الأسطورة, يغوص جلجامش تحت الماء, بحثا عن زهرة الشباب الدائم, وعندما يظفر بها ويصلها, فإنه يخرج بها إلى الشاطئ ثم ينام من شدة تعبه.

تقتنص الأفعى الفرصة - وهو مايحدث غالبا مع كل المتعبين - وتأكل الزهرة..‏‏

وتظفر الأفعى بسر الشباب, وهكذا تستطيع أن تبدل جلدها كلما طاب لها ذلك, لتخرج منه حية جديدة.‏‏

إنه الزمن, وهو يخرج من جلده كل عام..‏‏

ويتجدد بإصرار رهيب !!‏‏

  ‏‏

كثيرا مايقال - أو هكذا تعلمنا - أن قراءة التاريخ تلقي الضوء على الحاضر, لكن أحدا - ربما - لم يقل لنا أن تأمل الحاضر ربما يرشدنا إلى فهم أفضل للتاريخ.‏‏

خاصة وأن مايعرف بالتاريخ, لم يسلم ولم يكن بمنأى عن أذى وعبث بعض المؤرخين على الأقل.‏‏

ثمة من كتب التاريخ, بعين واحدة, كانت لاتمتلك إلا زاوية واحدة رأت فيها, أو نظرت منها..‏‏

إن تأمل الحاضر لفهم حقائق التاريخ, عملية تشبه إلى حد بعيد الوقوف على مشهد عمليات حربية تجري على مرأى العين, لحركة الفرقاء, الذين ذهبوا وذهبت مواقعهم ووقائعهم.‏‏

  ‏‏

لقد حلّ العام ٢٠٢٠ م من رحم العام الذي سبقه وانطوى ٢٠١٩, الذي اجتمعت فيه كل أشكال البذخ, وكل أشكال الفقر, الإنساني المدقع, وإذا كان صحيحا أن التكنولوجيا وفرت مزيدا من أسباب الراحة, لكنها في الوقت عينه نزعت الأمان وجعلت العالم يعيش على حافة أكثر من خطر.‏‏

نعم, لقد شهد عالم الفكر المزيد من الإنجازات, والفلسفات والنظريات, لكن كثيرا من البشر لاتزال ترزح تحت وطأة الجوع والحرمان وغياب العدالة.‏‏

يرحل عام ويقبل ٱخر, لكن الزمن يترك وراءه مٱسي كثيرة, وجروحا مفتوحة, ليس أقلها قوى التعصب والتطرف التي انطلقت من عقالها مثل الأرواح الشريرة التي كانت مختبئة في صندوق «باندورا», كما في الأسطورة القديمة.‏‏

ترى, فماذا يحمل لنا المولود الجديد ؟‏‏

نحن نحلم بالأجمل..‏‏

إن من بين أروع الاكتشافات التي عرفتها البشرية, لايوجد أروع مما توصلت إليه في عصور ماقبل التاريخ !!‏‏

ذلك حين استطاع الإنسان أن ينتصب بقامته, وأن يرفع رأسه نحو الأعلى !‏‏

لقد أتاح هذا الاكتشاف لذلك الإنسان أن يسير بقدميه على سطح هذا الكوكب, وأن يحرر يديه, ليصبح قادرا على الزراعة والصيد وجني الثمار وصناعة الأدوات والوسائل التي طور بها حياته وعيشه فيما بعد.‏‏

إنه عندما رفع رأسه لأعلى, لم يعد منشغلا بموطئ قدميه, بل تفرغ لاكتشاف ماحوله..‏‏

لقد مد بصره وبصيرته إلى أفاق, وأفاق أبعد, فصار يفكر ويتخيل, ويحلم أيضا, ثم استطاع أن يمتلك العالم.‏‏

لعلنا الآن, في أمس الحاجة إلى إعادة هذا الاكتشاف..‏‏

بمعنى أن نرفع رؤوسنا إلى أعلى, لنرى الأجمل, وأن نتخلى عن نظرات التعصب المريضة, والأنانية الضيقة, ونتطلع ٱلى ٱفاق أرحب ونحن نحلم بوطن يتعافى, وإنسان أجمل.‏‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية