تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


«حكايتي»..قـــــــراءات مـــــــــــــن شــــــــــــــرفات التســــــــــــعين..

فنون
الثلاثاء 7-1-2020
هفاف ميهوب

لا أجمل من حكايا، تُروى بلسان العارفين من أين يبدأ الكلام..

ذاك الذي لا تنتهي مفرداته الراقية والباقية، إن كان من يسرده متمكّناً من استدعاء ما استدعته الإعلامية اللبنانية «رابعة الزيات» إلى «حكايتي» وبصوتِ الشاعر والمفكر العالمي «أدونيس».. الصوتُ الذي كان رائياً وقارئاً للكثير من القضايا الشائكة التي سُئلَ عنها، والذي كان كعادته، جريئاً ومشاكساً وعميقاً في تناولها.‏

هذا ما استدعته «الزيات» عبر تلفزيون «لنا بلاس» وفي برنامج وفّقت في اختيارِ ما جعل آخر حلقاته لهذا العام، تتوَّج باستضافة هذا الشاعر الذي تقصّدت وفي زمن الجهل والطائفية الدموية، أن تعرّف من لم يعرفه بأنه بالنسبة للعالم والتاريخ والإنسانية:‏

«اسمٌ مفرد بصيغة الجمع، يترامى على أطراف المدن فيشكّل اسماً يبحث عنه التاريخ لاستكمال تدوينه.. شاعرٌ، جال بين ثابتٍ ومتحوّل. سكن أغنيات المهيار الدمشقي. كتبته بيروت على ورقٍ من شعرٍ ومواقف.. رأته سوريا مرآة سلام في زمنِ الرماد المكتوب على جمر.. الشاعر الذي أضاء قناديل غرناطة، وحفّز الأعمى على التنبؤ.‏

«أدونيس» وحكاية عمر سوف تبدأ من شرفات التسعين، بكلامٍ مشى على روح الأولين..».‏

هكذا عرّفت به، مختصرة بهذا التعريف، ماتناولته في «حكايتي» من القضايا والآراء التي بحثتها مع «أدونيس».. القضايا التي وإن اعتبرت آراؤه فيها وأجوبته عليها ستستفزُّ كُثر من المتابعين، إلا أنه لم يعتبرها آراء أو أجوبة أو انتقادات، بل «قراءات، أحترم آراء من يرفضها، لأن ما هو ضدّك جزء من فكرك».‏

إنها القراءات التي قدمها في حوارٍ انتقل فيه من مدى فضاءِ حديقة منزله في بيروت، إلى مكتبته الأشبه بمتحفٍ هو عالمه الذي لا يفنى ولا يموت.. أيضاً، التي كانت عيون الضوءِ لدى شاعرٍ، اتَسع كبيئته واخضرَّ كعطاءِ أسرته.. شاعرٌ، عشقَ قصائده فوهبها نبضه يُجدد حياتها. الحياة التي لا تشيخ لأنه مفرداتُ أبياتها:‏

«مُذ ولدت وأنا شاب، والآن بعد التسعين، أعيش في طفولتي. والدي صورة لا تغيب، ووالدتي، جسمٌ من طبيعة.. ينبوعٌ أو شجرة..».‏

أيضاً، هي قراءات ثرية كـ «الشعر ثروة العرب الأولى». الثروة التي كانت جائزته، في عالمٍ استحقَّ كلمته: «لا تهمني الجوائز، ما يهمني كيف أقدم شيئاً مختلفاً».‏

نعم، هكذا كانت قراءته.. جريئة، مشاكسة، صادمة، عميقة، واعية وداعية: «يجب أن نخرج من القبيلة» وهي دعوته.‏

باختصار «حكايتي» برنامج حواري تمكّن وبما تناوله، من جذب حتى المشاهدين الرافضين لقراءات هذا الشاعر العلماني.. «أدونيس» المثير للجدل في بحثهِ بكلِّ ما يتعلق بالحياة والموت والفكر والثقافة والدين والمجتمعات والأفراد والأنظمة والسياسة والمدن وغير ذلك مما أبدى فيه موقفه كشاعرٍ ومفكرٍ عالمي.‏

الدين «يجب أن يكون فردياً لا قاعدة للعمل السياسي» والمجتمعات «تقيّم الإنسان طائفياً لا ثقافياً أو فكرياً».. أيضاً، الأفراد «متفوقون بعيداً عن المجتمعات والأنظمة السياسية» والثقافة «ليست ثقافة، بل ركام معلومات مكررة إلى ما لانهاية»..‏

سوريا، بيروت، باريس، مدنٌ تتجدَّد في كلِّ واحدة منهما ولادته.. سوريا مسقط رأسه، وبيروت مسقط قلبه، وباريس فضاء شعره.. الشعر الذي ختم البرنامج بقراءةٍ منه، مؤكداً ما استشعرناه بداية اللقاء وكلمته:‏

«أعتبر نفسي لم أولد بعد، وكلُّ ما كتبتهُ أعدّه تمريناً لأشياءٍ أحلم أن أحقِّقها.. المهمُ كيف نخلق مصيرنا..»..‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية