واغتيال الولايات المتحدة للجنرال سليماني يمثل تصعيداً كبيراً في المواجهة بين الولايات المتحدة وإيران ، والتي انتقلت من أزمة إلى أخرى منذ انسحاب الرئيس دونالد ترامب من الاتفاق النووي لعام 2015 وفرض عقوبات على ايران .
وكان انسحاب ترامب من الاتفاق النووي بمثابة نقطة تحول في العلاقات الإيرانية الأميركية، لان الانسحاب كان غير قانوني ، وغير حكيم، وهو انتهاك لالتزامات الولايات المتحدة لاتفاقية دولية وقعت عليها خمس دول أخرى وصادقت عليها الأمم المتحدة.
ولم يوقف دونالد ترامب تحركاته الخبيثة ضد إيران وفرض أشد العقوبات عليها، ومارس أقصى قدر من الضغط والإرهاب الاقتصادي عليها وعلى الشعب الايراني، حتى أن العقوبات الاميركية المفروضة على ايران حالت دون وصول الأدوية والمواد الغذائية إلى المسنين والنساء والأطفال، وتم اتباع هذه السياسات الاميركية في محاولة يائسة من أجل الضغط على الحكومة الايرانية لتغير سياستها تجاه أسرائيل، كما أعلن مستشار الأمن القومي السابق جون بولتون.
وبعد أن فشلت الاجراءات الاميركية في محاولاتها اليائسة في اخضاع السياسة الايرانية وفقدان الأمل في خلق خلاف بين الأمة الإيرانية والحكومة والفشل في الضغط على ايران من خلال العقوبات المفروضة، ها هو ترامب هذه المرة وباغتياله للجنرال والمهندس الايراني قاسم سليماني والمهندس العراقي يثبت أنه ارهابي من طراز كاوبوي، فما فعله خرق للقانون الدولي، وهو بذلك يحاول التعويض عن إخفاقاته الماضية من خلال اغتيال الجنرال الإيراني الذي كان رمزاً لمحاربة الإرهاب في العراق وسورية وبذلك أثبت الرئيس الأميركي أن إدارته هي الراعي الأعلى للإرهاب في العالم .
وقد حذر قائد الثورة الاسلامية الايرانية آية الله سيد علي خامنئي من أن الانتقام سيكون قاس لترامب وقال: إذا كان ترامب يعتقد أنه يمكن أن يطغى على عزلته أو أنه يمكن إعادة انتخابه من قبل هذه المغامرات المتهورة، فهو مخطئ، سيكون من المفيد تذكيره أن العديد من رؤساء الولايات المتحدة كانوا يحلمون بالنيل من ايران وإن العديد من هؤلاء الرؤساء الاميركيين أصبحوا تاريخاً الآن، وأن ايران باقية وهي تكتسب المزيد من القوة على الرغم من العقوبات والضغوط الكبيرة عليها من قبل ترامب .
وينبغي أن يتذكر ترامب أن مستشاره السابق للأمن القومي جون بولتون تعهد بأن إيران لن تحتفل بعيدها الأربعين، اليوم ، ورحل جون بولتون وبقيت إيران قوية بما فيه الكفاية للدفاع عن نفسها على جميع الجبهات، وسيكون رد إيران قاسياً وحاسماً لترامب وللولايات المتحدة، لقد حان الوقت لترامب وفريقه أن يدرك أنه من غير الممكن لاميركا ولا لغيرها محاولة النيل من ايران .
وقال: بن فريدمان، مدير السياسة في مركز (ديفينيس برينسيس) في واشنطن أن اغتيال الجنرال سليماني كان عملاً طائشًا وكارثي على أميركا، لأن القوات الأميركية في المنطقة ليست كافية للتعامل مع التداعيات المحتملة، كما كتب ديكستر فيلكينز في ملف له في مجلة نيويوركر في عام 2013، كان سليماني يحظى باحترام كبير من قبل مقاتليه، وكتب صوفان، الضابط السابق في مكتب التحقيقات الفيدرالي ذو الخبرة الواسعة في الشرق الأوسط ، في مركز مكافحة الإرهاب في عام 2018 قائلاً: من دون شك، كان سليماني الجنرال الذي كان يقض مضاجع الارهابين ويخيفهم في كل مكان وهو متواضع جداً، فهو ابن أحد أكثر الأحياء الاكثر شعبية في إيران، أما الأميركي كريس مورفي فقد قال: لقد اغتال ترامب وإدارته القائد الفذ قاسم سليماني دون أي إذن مسبق من الكونغرس وهو أمر غير قانوني وخارج عن الاعراف والقوانين الدولية لانه قد يؤدي إلى شن حرب إقليمية ضخمة، ومن المؤكد أن اغتيال مثل هذا المسؤول القوي لن يمر دون رد من جانب طهران، التي فرضت عليها عقوبات أميركية مشلولة على مدى الأشهر الثمانية عشر الماضية.
فقد قال خامنئي نفسه إن الانتقام القاسي ينتظر المجرمين المتورطين في مقتل سليماني، ففي رسالة إلى الأمة نشرت على موقعه الرسمي على الإنترنت وصف وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف العمل الأميركي بأنه خطير للغاية وتصعيد أحمق تتحمل الولايات المتحدة مسؤولية جميع عواقب هذه المغامرة المارقة وهذا العمل الاجرامي لدولة مارقة كالولايات المتحدة الاميركية .