أخذت ما أخذت (تل ابيب) من جعبة ترامب... بقي أن تستثمر أشلاءه..
تبدو واشنطن باغتيال الجنرال قاسم سليماني بمثابة انتحاري تابع للموساد لا أكثر ...هو اسلوب اسرائيل في اغتيال الشخصيات العصية على مشاريعها منذ ان استهدفت اللورد موين في اربعينيات القرن الماضي حتى اللحظة.. لكن التداعيات هنا اكبر واكثر خطورة ..
اغتيال سليماني ليس تهورا اميركيا بقدر ما هو انتحار سياسي وعسكري لترامب في المنطقة.. لا يملك الرئيس الاميركي ترياقه في ايامه الانتخابية القادمة او حتى الاستراتيجية ...
تفجير موكب قائد بحجم سليماني على مستوى جمهورية ايران والمقاومة هو قلب لكل طاولة مفاوضات ممكنة.. وهو تصنيع لتوابيت اميركيه جديدة.. هو خروج لواشنطن بموكب جنازة من المنطقة على المدى المنظور والبعيد ...
يكفي النظر الى ردود الفعل الاقليمية والعالمية حتى يدرك الاميركيون ما فعلوا.. أعادوا من حيث لا يدرون اعلان ما يشبه النفير العام السياسي والمقاوم في المنطقة.. كل العواطف والعزائم تأججت بعد ما أنهكتها سنوات الحروب الطويلة بما فيها من التجاذبات والتنافرات.
ما جنته واشنطن مثلاً من غزو العراق .. خسرته دفعة واحدة بضربتها التي أوجعت يدها كما آلمت المقاومة ولم تضعفها .. فقرار البرلمان العراقي بخروج الاميركيين وتمزيق الاتفاق الامني معهم كان رد من عيار استكمال تحرير العراق .. وستلحقه الكثير من القرارات السيادية، والمقاومات الشعبيه التي ستحاصر كل جندي اميركي... القرار المقاوم سيكون مشتركاً واكثر تناغماً ... هل سيصفح ترامب جنوده وقواعده في المنطقة.. الى حد يستطيع ؟! جعل من كل جندي هدف!!
لم تنجح كل مبررات ترامب في امتصاص حالة الصدمة التي شكلها في الغرب قبل الشرق بفعلته الحمقاء .. لم يعد بعد هذه اللحظة اي شيء مستحيل او ممنوع في قواعد الاشتباك .. اصبح الممكن سيد الموقف ..
ليس الممكن الاسرائيلي المزمن في اغتيال الشخصيات المعرقلة لمشروعها في المنطقة ذاته، والذي جر ترامب من أذنه الى جنونه هذا... لكنه الممكن الذي سيجره بعد الى هاوية سياسية تخرجه بأحذية ليست عراقية هذه المرة بل اميركية ومن البيت الابيض !!