تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


«دروب في المشهد التشكيلي».. تجارب غاصت في بحر الإبداع

ثقافة
الثلاثاء 7-4-2015
عمار النعمة

كل العالم تعلّم من شرق المتوسط, وليس من غربه, وتجاربهم الإبداعية أقل من تجاربنا, وليس العكس, حتى إن كل التجارب التشكيلية المدهشة لها جذورها الشرقية, نذكّر اليوم بفن «الأيقونة» الفن المسيحي القديم,

والزخرفة الإسلامية اللذين انطلقا من المنطقة العربية, ثم كان لهما التأثير الكبير في نتاجات التشكيل في مختلف دول العالم.. هكذا بدأ الزميل علي الراعي مقدمة كتابه (دروب في المشهد التشكيلي السوري - ملامح بحث عن هوية) الذي صدر عن وزارة الثقافة - الهيئة العامة السورية للكتاب بـ 360 صفحة من القطع الكبير.‏

تأتي أهمية الكتاب من أنه حمل في طياته الكثير من الأسماء التي أغنت الحركة التشكيلية السورية بإبداعاتها فنذكر مثلاً: (أدونيس - نزار صابور - علي مقوص - آمال مريود - وليد محمود - علي سليمان - زياد دلول...الخ ) ويوعز المؤلف أن إنجاز الكتاب جاء لأمرين: الأول أن ثمة معطيات تجعلنا نقف أمام عمل فني تشكيلي يمد بمسجاته صوب الأرض السورية القديمة, الأمر الذي توفر للحديث عن عمل تشكيلي بهوية سورية, لكن دون انقطاع مع حركة التشكيل العالمية.‏

الثاني: ثمة حركة تشكيلية سورية لها إرهاصاتها القديمة, وقد وجدت منذ أكثر من قرن, ومع ذلك لم يتوفر لهذا الحراك التشكيلي اللافت قراءة نقدية موازية أو تعادل تنويعاته من اتجاهات وتجارب وغير ذلك.‏

نعم..لقد حرص المؤلف على التنوع في اختيار الشخصيات وعلى قراءة تجارب فنية لاتزال موجودة حتى الآن ليختتم الكتاب ببحث حول حال فن الكاريكاتير السوري.‏

ومن الشخصيات التي اختارها المؤلف نقف عند تجربة أدونيس الذي قال عن نفسه ذات يوم: ما الذي يدفع شاعر بحجم أدونيس لأن يهجر القصيدة, ولو لبعض الوقت ليكون دخيلاً على التشكيل.‏

أدونيس يؤكد اضطرابه من هذه الهجرة المؤقتة من القصيدة إلى التشكيل, ويؤكد أنه ليس فناناً تشكيلياً, بل هو يخوض نوعاً من المغامرة ولا يعرف كيف ستنتهي.‏

وعن ميله للتشكيل يشرح أدونيس - لأنني لم أستطع أن يمر الوقت دون إبداع شيء ما, ولأنه كان ثمة أوقات تأتي لايستطيع فيها الكتابة ولا القراءة وبوصفه صديقاً لمعظم الفنانين العرب فقد استيقظ بنفسه هذا الأمر, فلماذا لايحاول إملاء الفراغ بعمل آخر, كأن يكتب قصيدة أخرى بلغة أخرى ومر وقت وفشل بتحقيق هذه القصيدة - كما يذكر -‏

إذا هل لأن الشعر «شخصي يهم الآخرين» ومن ثم يتوفر لدى الكثير من المبدعين إن لم يكن لديهم كلهم, ومن ثم كل يعبّر عنه بطريقة مابجنس إبداعي ما يبرع من خلاله, وهنا يمكن القول إن كل مبدع هو شاعر بشكل من الأشكال.‏

إن حكاية أدونيس مع التشكيل لم تبدأ هكذا بهذه المباشرة, فلهذا الشاعر والمفكر أكثر من استطالة مع الفن التشكيلي, بدأ ذلك بالقراءة في أعمال عشرات الفنانين التشكيليين, سواء ماقدمه من قراءات للصحافة أو في تقديم عشرات المعارض الفنية, أو من استلهام عشرات الفنانين التشكيليين أعمالهم الفنية من قصائد وأشعار وحتى الكلام النثري لأدونيس, تلك الاستلهامات التي برزت ألواناً وحكاية شعرية ملونة أو من تماهي الشعر مع اللون.‏

الكتاب قراءة هامة للمشهد التشكيلي, وقد نجح المؤلف في اختيار أكثر من جيل وأكثر من نوع تشكيلي ليقدمهم لنا في تكثيف لغوي جميل,الأمر الذي جعل قراءة الكتاب أكثر إمتاعاً وأكثر يسراً وسلاسة.‏

">ammaralnameh@hotmial.com‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية