|
هل تنجح؟ إضاءات أو - للدقة - : لماذا لا يتناسب ذلك المظهر مع هذا المستوى؟.. هناك جواب أساسي لهذا السؤال وهو أن الهيئات الفنية غالباً ما تكون بعيدة – أو مُبعدة – عن المساهمة في القرارات المتعلقة بمظهر المدن والبلدات، الذي يخضع في الغالب لما تراه قيادتها الإدارية.وقد عنونت منذ سنوات بعيدة مقالة نُشرت في هذه الصحيفة بالسؤال:«مظهر المدن: إلى متى يبقى رهناً بالأمزجة المتقلبة لإداراتها المتبدلة؟ ».وكان ذلك بعد سلسلة من التغييرات المترددة في مظهر ساحات أساسية في دمشق،وفي نماذج مصابيح الإضاءة في الشوارع، بلغ حد أن كان هناك نموذج مختلف في كل واحد من الشوارع السبعة المؤدية إلى ساحة الأمويين بدمشق!! حدث أحياناً أن ضُم فنان تشكيلي إلى المجالس الإدارية المسؤولة عن مظهر المدن والبلديات ، لكن هذا الأمر في الواقع لم يكن ليتجاوز شكل التمثيل (البروتوكولي) بسبب آليات اتخاذ القرار، والأهم من ذلك بسبب غياب أسس راسخة وواضحة حول الأمر تُلزم بها الجهات الإدارية، مهما طال أعضاء هذه الإدارات من تغيير، ومهما تنوعت أمزجتهم، ولهذا فإن الأمر كان يتطلب أكثر من وجود (بروتوكولي) لفنان تشكيلي (وأحياناً يستعاض عنه بمهندس معماري رغم الاختلاف الوظيفي بين عمل الاثنين). كانت هناك حاجة لمساهمة الهيئات الفنية في تقديم تصورات شاملة عن مظهر المدن، بالتعاون مع جهات معنية بالأمر، ترعى الأهداف الرئيسة كما التفاصيل الصغيرة، لأن الأمر لا يتعلق فقط بمظهر جمالي، وإنما – وهذا هو الأهم – ببناء ذائقة جمالية مجتمعية.. كلية الفنون الجميلة بجامعة دمشق تبدأ اليوم مبادرة ضمن هذا الإطار، حيث تقيم بالتعاون مع الفرقة الحزبية فيها ورشة عمل يشارك فيها أساتذة وطلاب من الكلية لإنجاز عدد من اللوحات الجدارية، التي تترجم بالدرجة الأولى رؤية إبداعية لمواضيع تتناولها. الورشة التي تقام بدعم من رئاسة جامعة دمشق، وفرع الحزب في الجامعة، حملت عنواناً طموحاً (الفن ودوره الوطني في إعادة الإعمار).رأى الدكتور فؤاد طوبال، نائب عميد كلية الفنون الجميلة للشؤون العلمية (الذي أدار ندوة حوارية خاصة بالورشة في الكلية قبل بضعة أيام) أن العنوان يترجم التوجه لربط الجامعة بالمجتمع. في حين ركز الدكتور فواز البكدش عميد الكلية في محاضرة ضمن الندوة ذاتها،حملت عنوان (الفن ودوره الوطني)،على مهمة أساسية للفن، وهي مهمة رفع الذائقة الفنية للجمهور.ومن المؤكد أن تفكيراً بهذا الأفق الرحب يحمي الفن من الانغلاق، ويحول دون تحوله إلى مجرد حامل لخطاب ما، لا يراعي المستوى المرتفع الذي يجب أن يكون عليه هذا الحامل.وبتعبير آخر، فالفن بالدرجة الأولى يجب أن يكون فناً، وهي النقطة التي التقى عندها،بشكل أو بآخر، الدكتور أحمد يازجي والدكتورة سوسن الزعبي والدكتور جورج محفوض الذي أكد على هذه الفكرة من خلال محاضرة شاملة ووافية ودقيقة عن الفن الجداري، استعرض فيها كماً كبيراً من التجارب الإنسانية المهمة في هذا المجال، انطلاقاً من فن إنسان الكهوف، مروراً بالإبداعات الخالدة للحضارات القديمة في وادي الرافدين ومصر القديمة، وبلاد الإغريق، وصولاً إلى أحدث ما وصل إليه عصرنا الراهن،سواء على صعيد التطور التقني، أم على صعيد المفاهيم الجمالية.. الورشة حددت أهدافاً تعليمية لها تتلخص في تبادل الخبرات والمهارات وإغنائها، وأهدافاً عامة أساسها إذكاء الشعور الوطني، وتعزيز الحوار الوطني والفني،وهدف ثالث تتجلى فيه الأهداف جميعاً أساسه تنفيذ أعمال تزينيية في الفراغات المعمارية لكلية الفنون، وأماكن غيرها مقترحة.. فهل ستكون هذه هي الخطوة الأولى لإصلاح خطأ قديم، ودخول الفن التشكيلي في حياتنا من خلال الشوارع والساحات؟.. لا ليحسن مظهرها فحسب، وإنما ليحسن مفاهيم الجمال ويحفز الخيال، ويساعد بذور الإبداع على النمو.. www.facebook.com/saad.alkassem
|