ربما لأن عاطفتنا تجاههم ستظهر من الجملة الأولى، هذه المرة تركت ترددي جانباً لأن صديقي مريض، هنا دخل الواجب المهني والأخلاقي وصار لابد من الكتابة مجدداً عنه.
منذر شيحاوي في حياته اليومية كان أبعد شخص في العالم عن الأمراض، فصاحب الطفريات والآخ، وصاحب الروح الساخرة يعرف كيف يعيش الحياة بكل تفاصيلها، حلوها ومرّها، ويعرف كيف يصرف وقته، فلا سهرة اجتماعية مع أصدقائه الكثر يبتعد عنها، ولا جلسة عامرة بالحوار الأدبي يتركها تفلت منه،
ومع كل ذلك نسي صديقي جسمه وهو يكبر عكس روحه الخلاقة، الدائمة الإبداع، جسمه الذي تحمل عناء السهر الطويل، وعناء الدخان خذله قليلاً ودخل المرض إليه من بوابة خلفية، هي بوابة الزمن وتعب الجسم، لا تعب الروح. فعافاك الله يا صديقي.
فعلت خيراً جمعية أصدقاء سلمية وكرّمته مساء 26 آذار الماضي في حفل مهيب، ضمّ جمهوراً كبيراً من عشاق شعره، وكرمهم منذر شيحاوي بإبداعه وحضوره، وهو الجميل، المبدع، الطيب، الرائع.. في التكريم تعانق الوجداني مع الإبداعي فعمّ الفرح، وضجت القاعة بعطائه الشعري.
منذر شيحاوي الذي يكتب الشعر بكل أشكاله (الموزون والتفعيلة والنثر) يجيد ويتقن فنّ الخط، والتخطيط، وهو رسام أيضاً وأحد أهم لاعبي الشطرنج، وغير هذا وذاك شاعر يكتب الزجل الشعبي والعتابا الضاحكة، وعندما بدأت بتدوين كتابي (ظرفاء من مدينة سلمية) كان أحد داعميه ورافديه وهو من أهم شخصياته.
البارحة، وكاليوم وكل يوم أهاتفه، يأتيني بداية صوت شريكة حياته أم عصام الوفية، الراقية، وبعدها يأتيني صوته من قلب سلمية، أطمئن عليه وأهرب منه لأبكي هذا العمر وهو يخذلنا، وأدعو الله أن يمدّه بعوامل الصحة والشفاء.
أبو عصام، كيف تمرض؟ وهل هذا وقت مرض الجسد؟ نحتاجك دائماً فاصبر وتعلم كيف تتغلب على مرضك أيها الشاعر.