ثمة أشخاص نعرفهم جيداً، ولطالما تغنّوا بالحالة السورية من جميع جوانبها، ولطالما تسلّقوا كالطحالب بل وأوجدوا عالمهم الفاسد الخاص بهم، وحاولوا أن يأكلوا البيضة وقشرتها، وفجأة أصبحوا ناقمين على كلّ شيء، وتحولوا من «دراويش» يتفتت قلبهم على البلد إلى شياطين يوسوسون في صدور من استطاعوا الوصول إليهم، فنبت لهم الريش وسُنّت في أفواههم الأنياب،وراحوا بكل وقاحة يتحدثون عن إنهاء « سورية الأسدية» كما يقولون على منابر الضلالة والفتنة..
أيها العابثون بأنفسكم فقط قفوا قليلاً وانظروا من أين يُرفع نباحكم على سورية، سورية التي لم تكن ولم تُسمَّ إلا الجمهورية العربية السورية..
أيها الكاذبون على أنفسكم لن تصيبوا غيركم بجهالتكم ولن ينفع حينها ندمكم إن أصبحتم نادمين، فنحن السوريين آمنّا ببلدنا وبخيرنا فيه، لا نحبّ الهمبرغر، ومنقوشة زعتر أو فطيرة سلق أحبّ على قلبنا وهضمنا من كل الطبخات الملوثة برائحة الغيظ والحقد..
آمنّا بسورية أرضاً وشعباً وقائداً ما دام هذا القائد هو نفسه ذلك المواطن العربي السوري بشار الأسد، وكلّ كذبكم عرّاه السوريون ولن نلتفت إلى كل ما تقولونه ما دام بعيداً عن مخاطبة العقل والمنطق.
أحد الكاذبين الذي أعرفه جيداً رأيته قبل أيام على الشاشة التي سخّرت كلّ إمكانياتها لإراقة الدم السوري دون أدنى حدّ من الخجل وهو يتحدث عن قرب نهاية «النظام» في سورية وعن بدء تشكيل هيئات ومؤسسات بديلة في الخارج لتكون جاهزة للعمل على الأرض السورية بعد انهيار النظام السوري كما قال..
نستغرب كسوريين السذاجة التي يفكّر بها هؤلاء، والثقة الفارغة التي يبدونها في حديثهم وكأن نهاية الدولة السورية قرار سيتخذونه متى شاؤوا!
لا نتحدث بالنيابة عن أحد في موقع القرار في مؤسسات الدولة السيادية ولكن من حقنا كشعب عادي وطيّب أن نتصدّى لمن يسيء لنا ولتفكيرنا ويتوقّع منّا أن نقبل كل ما يخططون له حتى وإن نجحوا ( ولن ينجحوا) ولا أعرف أو أذكر أن الشعب السوري قبلَ يوماً بالتخلّي عن كرامته أو سلّم زمام أموره لأي مستعمر غاشم أو عدو حاقد..
أعرف عجوزاً في التسعين من عمره اختصر ما كنّا نقلّبه من أحاديث وتحليلات أمامه فقال: « عندما كان الفرنسي في سورية كنّا نجمع الأكل والمال واللباس ونرسله لمقاتلي الشيخ صالح العلي مع أن الأمور كانت صعبة والفقر كان مدقعاً وراح الفرنسي وبقينا.. بالأمس قدّمنا أولادنا وأرواحنا وخبزنا واليوم لم يتغيّر شيئ سنقدّم كل شيء وستبقى سورية..المسألة مسألة وقت وإن ينصركم الله فلا غالب لكم»...
ابن قريب لي كان يجهّزه أهله للذهاب إلى الروضة فسألته ماذا تريد أن تصبح في المستقبل فقال إنه يريد أن يصبح شهيداً!
ما زلنا قادرين على مخاطبة وحوار حتى المخرّبين شرط أن يجرؤوا على النزول إلى الناس الذين يدّعون أنهم يتحدثون باسمهم وبالنيابة عنهم!
لا نقول بوجود حالة مثالية وإننا كمواطنين نحصل على كل ما نريد بيسر وسهولة ولكن من غير المنطق ومن غير الإنصاف أن نقول إن كل شيء سيئ..
نعم، هناك على سبيل المثال أناس مرتشون، ولكن هناك شرفاء أكثر، وهناك معلمون متقاعسون لكن ليس جميع أبنائنا خريجي جامعات ومدارس خاصة، إذاً لننظر بكلتا العينين إلى الواقع ولنحكم عليه من هذا المعيار ولنتذكر أيضاً أنه في كل أزمة يتوالد تجّارها والمستغلون ولئن تأخّرت الدولة بالمحاسبة لانشغالها بالقضايا الأكبر فمن واجبنا كمواطنين أن نتصدى لهم من خلال التزامنا بما تقرره مؤسسات الدولة وعدم الارتماء باحضان المستغلين..
عندما نلقي بعتبنا ولومنا على الدولة ومؤسساتها في كل شيء وصولاً إلى السعر الاستغلالي لعلبة السجائر وربطة البقدونس لنتذكر أن هذه الدولة هي أنا وأنت والآخر وإن طالبنا بالإصلاح فلنبدأ من ذاتنا..