تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


امرأة وحيدة .. جرأة في قضايا مسكوت عنها

ثقافة
الأربعاء 26-5-2010م
آنا عزيز الخضر

تزدحم عوالم كثيرة في العمل المسرحي (امرأة وحيدة) والذي عرض على الصالة المتعددة الاستعمالات بدار الأسد، عوالم تختصر كل المؤثرات التي صاغت تلك الدواخل البشرية

وكل ما يرتبط بها بدءاً من مواقفها إلى سلوكياتها ومشاعرها إلى دورها في الحياة، عوالم تتسرب عبر كل تفصيل عاشته وقدمته تلك المرأة الوحيدة، وخصوصاً أنه لا قيود على جرأتها في التعبير عن نفسها، إذ تبوح بمعاناتها للأشياء المحيطة بها تؤنسنها ثم تخاطبها فتقول لها الكثير فيظهر كل ما بداخلها بأريحية مطلقة بعد أن اختبأ طويلا،ً فالحرمان والقهر والمعاناة تتوارى مختبئة بأشكال وأشكال وستظهر بأشكال متعددة أيضاً وخصوصاً أن مسيرة تلك المرأة والمرأة ككل هي سلسلة من التراكمات المأساوية حيث اعتادتها كفعل يومي حياتي مقبول عندها، وما هذا القبول إلا ظاهرياً حيث يمارس عليها العنف ويخنقها الكبت وتحضر المحاصرة الاجتماعية والمحكومة بالعادات والتقاليد حيناً والدين حيناً آخر وتقيدها الأسرة بأحكام كثيرة كما الزوج والمجتمع والثقافة العامة، بينما تتقبل صامتة إلى حين وإذا ما أتيحت فرصة التعبير عن هذا المخزون فإنه يتفجر في الوجوه ويفضح الحقائق التي اختبأت طويلاً لتتحول إلى بركان لن يداري ولن يجامل، إذ يستخدم العرض حالات من المكاشفات الطويلة المباشرة حيناً وغير المباشرة حيناً آخر لتكون هناك أفعال تنوب عنها وتشير إليها فتعلن بكل صراحة عن قضايا مسكوت عنها لاعتبارات تبدأ ولاتنتهي منها للوصول إلى النهاية وهنا الخروج إلى النور، فحمل العرض جمالية فكرية تنضم إلى جماليته الفنية التي تجلت بأشكال عديدة وحلول فنية وأدائية متميزة .‏

حول الأسلوب الإخراجي والمقولة تحدثت الفنانة أمل عمران المعدة للنص والمخرجة فقالت: عندما قرأت النص في البداية وجدته غريباً ووجدته صعباً رغم أنه يبدو في منتهى السهولة، إذ حاولت إعداده كعرض يتناسب مع مسرحنا وخصوصاً أن طبيعة النص المسرحية تساعد على ذلك فحللت تفاصيله بدقة شديدة ، فماذا تعني هذه المرأة بداخلها ومحيطها والمؤثرات الكثيرة حولها، فهؤلاء النساء المحرومات من الحياة حتى ثقافتهن آتية من الذكورة يتعرض للقهر وهن مدانات في كل لحظة، لذلك كل السلوكيات ستكون مصوغةً في نفس الاتجاه وهي في نفس الظروف لن تعرف كيف ستكون حرة وبصراحة كنا محاصرين بهذا الطرح رغم أن الكواليس مزدحمة بكل تلك الإشكالات التي تعيشها المرأة وصولاً إلى أدق تفاصيل حياتها ومشاعرها ووجدت أن هذا الطرح مسؤولية أيضاً.‏

إذ سعينا كمجموعة عمل أن يكون للأسلوب المسرحي بصمات خاصة فاشتغلنا على ماوراء النص وعلى تدريب المثل ما تطلب التحليل لكل كلمة والتي امتلكت معناها الخاص في النص فكان هناك ارتجال وكانت هناك اقتراحات ومجموعة عمل حتى لا أكون أحادية الرأي للوصول ما أمكن إلى إعداد يتناسب مع الشرط المكاني والبحث في معادل بعيد عن المبالغة يأخذ بعين الاعتبار التحفظات والمحاذير، إذ تغاضينا أنا والممثلة عن اتجاه التهريج وهو نوع مسرحي صعب، وخصوصاً أنه يحمل المبالغة القصوى وهنا حفر المكان بشروطه فاتجهنا إلى الواقعية المبالغ فيها ووصلنا إلى قناعة مشتركة ترجمت إلى حد كبير ما أردناه من العرض الذي أخذ جهداً كبيراً لأنه كلما اكتشفنا حالة ما جربناها على أرض الواقع، وبقناعتي تمكن العرض من الوصول إلى أهدافه وحقق التفاعل والقبول مع الجمهور رغم الجرأة في طرح الفكرة وقد عولجت بالشكل الواقعي والإنساني فاستقطبت الإعجاب بواقعيتها ووقتها.‏

امرأة وحيدة نص عن داريوفو وفرانكاراما.‏

الإعداد والإخراج : أمل عمران والتمثيل لـ ناندا محمد‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية