قبل بداية الحصار الاقتصادي كانت الأمور تسير على ما يرام وتلبية الطلبات اليومية للبيت والزوجة والأولاد تجري في سياقها الطبيعي.
(البحبوحة) المادية كانت تعاندني دائماً في زمني الرخاء والشدة وتهرب من أمامي كجري الخيل العتاق عندما تراني ألهث خلفها.. لكن الوضع المادي كان (ماشي حالو) ويمشي حينها على ساقين لا تعرقلهما وتضربهما عصي المضاربين والضاربين بسيف الدولار العدائي في هذه الأيام لأي تقدم يريد المواطن أن يحرزه على الجبهة الاقتصادية حامية الوطيس.
اليوم مع تغير الكثير مما كنا عليه أصبحت زوجتي تعرف قصة (الجيب النظيف) بعد أن تلوثت الكثير من الجيوب بأموال ناتجة عن الجشع والاحتكار والتجارة بأحلام وحاجات المواطن الأساسية عبر (سيمفونية الدولار) الصاخبة في صعودها وعدم نزولها.
حين دخلت للبيت في يوم من أيامنا الصعبة هذه متعثراً بعصي كثيرة.. كنت قد تملصت من طلب هو ليس بالصعب لكنه ليس في متناول اليد كما يقولون.. (الجمل) بليرة.. وأنت لا تملك الليرة.. غضبت زوجتي وقالت.. لماذا أتيت بيد فارغة تلوح بها في الهواء.. قلت لها.. جلبت بعض طلباتك.. هاك بعض المنظفات والمساحيق التي زادت رغوة أسعارها أيضاً.. يمكنك تنظيف الجيوب أكثر مما هي نظيفة.. فضحكت وصمتت...!!
نعم جيبي نظيف.. لا مبالغ طائلة يحتويها.. وأبيض من شدة الغسيل.. والنظافة.. وهو ما تحرص عليه معظم الزوجات... ومن حقها أيضاً أن تحرص على أن تمتلئ جيوب زوجها بالورق من ألوانه المختلفة خصوصاً اللون البنفسجي المحبب من فئة 2000 ليرة...