وهناك من ينظر إلى الامور بواقعية ، ويرى أن المفاوضات محكوم عليها بالفشل ، لأنها انطلقت من دون مرجعية واضحة وملزمة ، ومن دون ضمانات ولامشاركة دولية فاعلة ، ومن دون آلية تنفيذ ملزمة ولا جداول زمنية.
وأمام هذا وذاك ، ثمة سؤال يبرز اليوم هل من أمل يرتجى من مبادرات جديدة ؟! الجواب الواضح الصريح : لا أمل واضحاً ، ذلك ان حكومة نتنياهو ترفض في العمق خريطة الطريق وحل الدولتين ومبادرة السلام العربية ، وهي تسعى اليوم من خلال نفوذها في واشنطن ، ومناوراتها السياسية الى اقناع الشبكة الحاكمة بأن الخطر الأول على مصالح الولايات المتحدة وأمن إسرائيل هو إيران النووية ،وأن بعض الدول العربية تشاطرها الرأي ، وأن المطلوب تالياً هو التركيز على مواجهة إيران سياسياً وربما عسكرياً إذا رفضت التراجع عن برنامجها النووي، أما بالنسبة للفلسطينيين ، فإن المطلوب ليس التوصل معهم الى اتفاق لتنفيذ حل الدولتين ، بل الاتفاق على شروط التفاوض تمهيداً لمعاودة مفاوضات لا نهاية لها.
باختصار ، ماسينجم عن الموافقة العربية على بدء الفلسطينيين مفاوضات غير مباشرة مع الاسرائيليين ، لمدة اربعة اشهر ، هو اجراء محادثات من أجل معاودة المفاوضات بوتيرة ماراثونية تتخللها مطالبة العرب والفلسطينيين بتنازلات جديدة في الشكل والمضمون ، يجدون أنفسهم أمامها إمّا عاجزين عن قبولها او مضطرين الى ذلك ، فلا يبقى لهم من مطالبهم الأصلية شيئاً.
معظم المسؤولين العرب يعرف هذه النتيجة ، غير ان قلة منهم تدرك ان لا سبيل إلى تجاوز مهازل المفاوضات ، ووجوب التوقف عن تقديم التنازلات إلا بالعمل المدروس الجدي والهادف الى تغيير موازين القوى ، وأن ذلك يبدأ بالتزام خيار المقاومة ودعم القوى الناهضة بها ، قولاً وفعلاً ، وأن رحلة الألف ميل تبدأ بالخطوة الأولى .