ويضاف إلى ذلك تشجيعها للاستثمارات الأمريكية الكبيرة فيها مثل مايكروسوفت، ناهيكم عن الدعم الدبلوماسي الذي تقدمه لها في مجلس الأمن بنقضها القرارات التي تدينها والتي بلغت 32 قراراً بين عامي 1982 إلى 2006.
لقد ولدت في إسرائيل، وترعرعت بها، وشاهدت بأم عيني مظاهر التفرقة السائدة بين اليهود والعرب في شتى المجالات، حيث تسمح القوانين لليهود في كل أصقاع العالم بالهجرة إليها في الوقت الذي تحرم به الفلسطينيين الذين رحلتهم منها قسراً من ذات الحق، ولا تمنح من بقي منهم الرعاية الصحية والتعليم في ذات المستوى الذي يحصل عليه اليهود .
يعيش أربعة ملايين فلسطيني تحت نير الاحتلال الإسرائيلي منذ أكثر من أربعين عاماً، وهم مجردون من حقوقهم الإنسانية والمدنية، ويعانون من التفرقة حيث يحظر عليهم استخدام الطرق المخصصة لليهود، ويضطرون للوقوف ساعات طويلة أمام نقاط التفتيش، ويقتر عليهم في تأمين احتياجاتهم المائية لأن المياه تضخ للمستوطنين الذين يستهلكون كميات كبيرة تتجاوز أربعة أضعاف ما يستهلكه الفلسطينيون الذين يحظر عليه حفر آبار خاصة بهم، بل يتعين عليهم الاعتماد على ما تقدمه الدولة لهم منها. كما تلجأ إسرائيل إلى اعتقال المواطنين الفلسطينيين دون إذن قضائي، وتشير منظمة حقوق الإنسان إلى أن أربعة من أصل عشرة فلسطينيين ذكور قد تعرضوا للاعتقال في السجون الإسرائيلية.
أما غزة التي تخضع للحصار منذ عدة سنوات فإن سكانها يتعرضون في الواقع إلى عقوبات جماعية وكأنهم يعيشون في سجن كبير، الأمر الذي يستدعي أن نعمل جميعاً على رفعه عنها، ذلك الحصار الجائر الذي لم يفض إلا لمزيد من الإحباط والحقد بين أبنائها الذين يعبرون عنها بإطلاق صواريخ محلية وبدائية على البلدات الإسرائيلية، كما وعلينا أن نسعى لإلغاء القيود المفروضة على حركة السكان في الضفة الغربية، إذ كيف يتسنى لنا العيش في سلام في الوقت الذي يتعذر به على الأطفال الفلسطينيين زيارة ذويهم في القرى المجاورة دون أن يتعرضوا للإذلال على نقاط التفتيش العسكرية؟
وإزاء ما ذكر آنفاً، ينبغي علينا أن نسعى إلى المساواة في الحقوق بين جميع المواطنين بغض النظر عما ستسفر عنه المفاوضات من نتائج، حيث من المعلوم إن إسرائيل تتحكم بمعيشة خمسة ملايين ونصف مليون يهودي، ومليون ونصف المليون فلسطيني ، ومثلهم في الضفة الغربية لذلك يتعين عليها أن توفر لهم حقوقاً ودخلاً وفرصاً وتعليماً ورعاية صحية متماثلة. لأنه عند توافر تلك الظروف سيكون حل المعضلات القائمة في المنطقة أمراً ممكناً.
إن الولايات المتحدة هي الجهة الرئيسة التي يمكنها تحقيق السلام، إذ إنه منذ عشرين عاما ًرفض شعبها العنصرية في جنوب إفريقيا وطالب بأن تأخذ الدولة موقفاً مؤيداً لإنهاء هذا التفريق الذي عبر عنه مارتن لوثر كنيغ بقوله : « إن الظلم في أي مكان يمثل تهديداً للعدالة في كل مكان» . ويبدو أن تحركا مماثلاً بدأت بواكيره تظهر في الجامعات، حيث بدأ الكثير من الطلبة في الولايات المتحدة يتساءلون ويستنكرون للممارسات الوحشية التي تنفذ ضد الفلسطينيين في الأراضي المحتلة. وينظرون إليها باعتبارها تمثل ممارسات عنصرية وحشية وغير إنسانية. لذلك يتعين على الأمريكيين الذين ساهموا في التغيير الذي حصل في جنوب إفريقيا أن يعملوا جاهدين على تشجيع الإدارة في واشنطن للضغط على إسرائيل وإبلاغها برفض ما تنهجه . وعلى الإدارة الأمريكية إن كانت صديقة فعلية لإسرائيل أن تردعها عن غيها قبل فوات الأوان.