تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


الصحفيون المتقاعدون

آراء
الخميس 20-5-2010م
جلال خيربك

يوم الأحد الماضي عقد في نادي الصحفيين بدمشق، لقاء موسع بين المكتب التنفيذي للاتحاد وبين جمهور من الصحفيين المتقاعدين، وكان اللقاء حافلاً وحميمياً تخللته بعض الهبّات النشطة!! التي أثارت ولامست قضايا عديدة ذات صلة كبيرة بالصحفي المتقاعد وحياته.

وقد تولى رئيس الاتحاد الزميل الياس مراد مع بعض أعضاء المكتب التنفيذي: الإجابة عن التساؤلات وشرح عدد من التفاصيل المتعلقة بأمور حيوية حياتية تهم المتقاعدين.‏‏

وقد تنوعت المداخلات بحيث شملت تساؤلات عن الرواتب التقاعدية القليلة التي يقدمها الاتحاد للذين تقاعدوا منذ فترة طويلة.. وعن التعويض الصحي الذي يقدمه صندوق الضمان الصحي والاجتماعي في الاتحاد.. وعن مالية اتحاد الصحفيين التي تقدم خدمات متنوعة للأعضاء تتطلع إلى تحسينها وتطويرها أكثر عندما تبدأ مشروعاتنا الاستثمارية في هذا الاتحاد برفد ميزانيته بما يمكنها في القريب من زيادة هذه الخدمات ورفع تعويضاتها.‏‏

كما تناولت المداخلات مسألة الأدوية للأمراض المزمنة التي تهبها لهم مجاناً وزارة الصحة بإيعاز وتفهم من السادة وزراء الصحة السابقين، والتي استمرت في عهد الوزير الحالي وبتشجيع منه.. يضاف إلى ذلك: مسائل السفر والإيفاد الخارجي للأعضاء المتقاعدين.‏‏

إلا أن أبرز نقطتين في هذا اللقاء كانتا «برأيي الشخصي» تتركزان على:‏‏

1- إن الصحفي الذي أكمل الستين وتقاعد.. فقد تقاعد من عمله الوظيفي لكنه لم يتقاعد في عمله المهني، فالفترة التالية من حياته هي فترة النضوج والخبرة والقدرة المركزة على تكوين الرأي العام وتحفيزه باتجاه قضاياه الكبرى.. القضايا المصيرية للوطن والأمة وجماهيرهما.. ولربما تكون هذه الفترة «من حياة الصحفي المتقاعد» هي مناخ الابداع والقدرة الواعية على إكمال وإتمام مسيرته الوظيفية، بإغنائهما في مجال المهنة وتقديم خلاصة خلاقة لما مضى ولما يأتي.‏‏

ومن ذلك كانت أهمية الاستفادة من هذه الأقلام الناضجة، في وسائل الإعلام كلها المقروءة والمسموعة والمرئية، بحيث يكون السفر إلى الخارج مجالاً رحباً للصحفي المتقاعد الناضج، كي يؤثر من خلال المؤتمرات أو المناسبات الخارجية في الرأي العام الأجنبي بشكل إيجابي حيث يتاح له هنالك أن يشرح قضايانا بشكل موضوعي فيبعد عن تلك الأذهان الصورة النمطية التي غلفت بها الدعاية الصهيونية والغرب الموالي لها أدمغة الجماهير هناك فزرعت فيها صورة مقلوبة ومتجنية على العرب والفكر العربي وقضاياه المصيرية.‏‏

فمرحلة النضج هذه، هي المؤهلة بقوة لحمل هذه الأمانة مدفوعة بالعمق والبرهان والقدرة نسبياً على المساهمة في كسب الرأي الأجنبي لمصلحة العرب وقضاياهم عن طريق إبراز الصورة الحقيقية للعرب والوجه الحضاري الذي كانوا عنوانه عبر العصور والحقب، فكثير من الأجانب وخاصة المهتمين بالثقافة والتاريخ والآثاريات وعلومها يعرفون مقولتهم الدائمة، إن الإنسان يجب أن يكون له وطنان، وطنه الأم، وسورية لأنها مهد الحضارة الإنسانية ومنبع أول أبجدية مكتوبة عرفها الإنسان.‏‏

2- ولعل النقطة الثانية هي الأبرز في كل ما نوقش في هذا اللقاء، وهي مسألة معاملة وزارة العمل ومؤسسة التأمينات الاجتماعية، للصحفيين العاملين في جريدة البعث حيث تعتبرهم القوانين «قطاعاً خاصاً!» وقد رفعت التأمينات ووزارة الشؤون الاجتماعية والعمل وبناء على قرار موجود من القيادة القطرية للحزب اقتراحاً إلى رئاسة مجلس الوزراء لاعتبار هؤلاء الصحفيين جزءاً من قانون العاملين كي يستفيدوا من نسبة التقاعد 75٪ مثلهم مثل كل موظفي الدولة.. فأعيد الاقتراح إلى وزارة العمل فالتأمينات الاجتماعية «للعمل بالقوانين النافذة» وهذه القوانين تقول إن صحفيي دار البعث وسواها من المنظمات لا يستفيدون من الزيادات والترفيعات والأجور التي تتجاوز الحد المسموح به للعاملين في القطاع الخاص، بمعنى أن العاملين في البعث والمنظمات الشعبية يستفيدون من المنح والزيادات لكنها لا تدخل في صلب الراتب ما لم ينص على ذلك مرسوم الزيادة كما ورد في آخر مرسوم صدر بهذا الخصوص إذ كان واضحاً عدد المستفيدين من هذه الزيادة بما فيها المنظمات الشعبية.‏‏

وبمعنى آخر: إن الصحفي في دار البعث أو أي متقاعد آخر فيها وفي المنظمات الشعبية حين حساب تقاعده يحسب 75٪ على أساس الراتب الأصلي مع حذف الزيادات التي صدرت واستفاد منها دون أن تدخل في صلب الراتب عدا الزيادة الأخيرة!! أي إنه براتبه الحالي قبل التقاعد يستفيد من نسبة 45٪ أو أكثر بقليل، كما هي الحال في القطاع الخاص الذي لا يعترف للعامل بزيادة أو ترفيع يحصل عليهما الموظف الرسمي.‏‏

فشكراً لهذه القوانين التي تعتبر صحفيي «دار البعث» وصحف المنظمات الشعبية «قطاعاً خاصاً!» تعود ملكيته للقيادة القطرية بعد أن كانت للقيادة القومية.. بينما يتقاضى أي صحفي في أي مؤسسة رسمية أخرى 75٪ من راتبه الحالي مع ترفيعاته وزياداته!!‏‏

وقد نوقش هذا الأمر مطولاً في اجتماع الصحفيين وقال رئيس الاتحاد إن القيادة القطرية متفهمة لهذا الأمر وهناك قرار منها في الشؤون والتأمينات لاعتبار هؤلاء مثلهم مثل زملائهم في المؤسسات الرسمية، والقيادة تتابع هذا الموضوع مع رئاسة مجلس الوزراء لحل ذلك الإشكال بتوجيه الهيئة المركزية للرقابة المالية لاعتماد ذلك القرار وتأشيره أسوة بزملائهم في الدولة.‏‏

مع ذلك: هل تستطيع الأفهام أن تتقبل مثل هذه المفارقة؟! وكيف لم تعدل هذه القوانين القديمة التي تنسحب آثارها السلبية على جريدة رسمية ناطقة باسم الحزب الذي هو قائد الدولة والمجتمع، وتعد بالدرجة الأولى صوت هذا الحزب فما علاقتها بالقطاع الخاص إذاً؟! وهل يعقل أن يكون راتب الصحفي في جريدة البعث ومن يماثله أكثر من عشرين ألف ليرة فيصبح بعد التقاعد نصف هذا المبلغ؟! وهل هذا جزاؤه وتكريمه بعد أن أمضى قرابة الأربعين عاماً يعمل بكد وجهد لخدمة الدولة والمجتمع؟! وأي منطق في هذا العالم يفرض مثل هذه الواقعة؟!‏‏

القضية في مجلس الوزراء وليست في وزارة العمل أو التأمينات لتوجيه الجهاز المركزي للرقابة المالية كي يؤشر القرارات التي تأتيه بهذا الخصوص وخاصة أن هنالك قراراً من القيادة القطرية يقضي بأن يستفيد صحفيو وعمال جريدة البعث وغيرها من صحف المنظمات من قانون العاملين الأساسي وميزاته التي شملت كل موظف رسمي.‏‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية