تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


حمل الحفيد «اسم الجد» تقــليد محـل خـلاف

مجتمع
الخميس 20-5-2010م
محمود شيخ عيسى

الزوجة حامل والفرحة مرتسمة على وجوه أهل البيت جميعهم، ثم ينصرف الحاضرون ويبقى الزوج مع الزوجة تحت سقف واحد ويدور حوار قلما يخلو منه بيت من بيوتنا في العالم العربي.

تسأل الزوجة زوجها ألست سعيداً بهذا الخبر وهو سؤال العارف، وماذا تتمنى أن يكون جنس المولود القادم، وقبل أن يأتي الجواب كان حدسها يقول لها إن الزوج يتمنى أن يكون ذكراً.‏

حسناً البنت ريحانة المنزل، وهي أكثر إشفاقاً على أبويها لاسيما في المراحل المتقدمة من العمر، لكن اسم الصبي له وقع خاص ورنين مميز، ولاشعورياً يمد الرجل يديه إلى شاربيه ويقوم بعملية فرك سريعة لهما، ما أسعدني سأكون أبا فلان.‏

وبينما الرجل مستغرق في أحلامه الوردية، يتصور شكل الوليد القادم، لون عينيه، استدارة فمه، بياض بشرته أواسمرارها، وهل سيشبه الأب أو الأم، يقطع الصمت الطويل رنين الهاتف أو الجوال، وإذا رن الهاتف نادت الزوجة: أمك على الخط، أما إذا رن الجوال فلا حاجة لمناداة الزوج من قبل الزوجة.‏

تسأل الأم بعد تبادل عبارات الترحيب والاطمئنان على صحة الأب القادم هل حسمت موضوع الاسم الذي سيحمله ابنك، وقبل أن يقول الزوج نعم تنهال عليه عبارة التهنئة من قبل الأم مثنية على وفائه لأنه اختار اسم أبيه..‏

ثم تمر الأيام مسرعة ويخبر التصوير أن الزوجة ستضع مولوداً ذكراً فتتسابق الاستعدادات لليوم الآتي على جناح السعد والمسرة.‏

يدور حوار بين الأم وابنتها يحمل رائحة نقد لاسم الوليد لأن اسم الجد ليس عصرياً، وربما جارت البنت أمها، لكنها تدرك أن فرحة الأب لاتقاس بحد، وليس من المناسب إفساد فرحته عليه بطرح هذا الموضوع السابق لأوانه.‏

إلى هذا الحد ويبدو الأمر طبيعياً، لكن المشكلة تتفاقم في المراحل التالية، عندما يزداد تدخل أم الفتاة لإقناع زوجها باختيار اسم قريب من اسم أبيه، وترد والدة الزوج على النيران التي تراها نيراناً معادية بمزيد من التشبث باسم الأب الجد وعدم السماح بالاقتراب من هذا الخط الأحمر بل شديد الاحمرار.‏

واقع نعيشه في مجتمعاتنا الشرقية، ويمكن أن نشير إليه بشيء من ضيق الصدر وأحياناً الألم لأنه يفضي أحياناً إلى نتائج لاتحمد عقباها.‏

المشكلة تبدأ كالنار، شرارة صغيرة تنطلق بهذا الاتجاه أو ذاك، ولايلتفت أحد لانطلاقتها، ثم سرعان مانفقد السيطرة عليها فإذا بها تصبح حريقاً مخيفاً يدمر كل شيء ويأتي على كل شيء. وكم شهدنا وللأسف كثيراً من الخلافات الزوجية بسبب إصرار الأب على حمل ابنه اسم أبيه أي حمل الحفيد اسم الجد، وتتدخل أصابع الأهل لتزيد النار اشتعالاً، وقد يكون خمود هذا الحريق بالطلاق وهو حالة مؤلمة نتمنى ألا تكون وسيلة حل الخلاف الناجم بين الطرفين أو الأطراف المتعددة.‏

إن حمل الحفيد اسم جده تقليد جميل نعتز به وهو يشكل قيمة طيبة في منظومتنا الأخلاقية، وهو عنوان اعتراف بأهمية الأب الذي كافح حتى بلغ أولاده سن الزواج، وكحل عينيه برؤية أبناء أبنائه وبناته قبل أن يغمض عينيه مودعاً الحياة.‏

ولنعترف أن هذا التقليد مازال محل خلاف رغم إيجابيته، ونحن ندعو عليه لكن نذكر يجب ألا يكون السرور مدخل النكد، كما يحدث في الأعراس عندما يطلق أحدهم العيارات النارية ابتهاجاً بالعرس فيصيّره مأتماً حين يلقى أحدهم حتفه بالرصاص الطائش.‏

الطفل محتاج للأب والأم ولايعرف العيش إلا تحت سقف البيت الذي يعيشان فيه، معاً فليلتفتا لذلك وليدعا الخلاف منطلقاً إلى التلاشي.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية