تكمن صعوبة هذا السؤال في كونه يعتمد إلى حد كبير على شخصية الانسان. في الحقيقة لا يمكن الاعتماد فقط على رأي الآخرين في تقييم شخص على أنه بخيل أم حريص. لأن كيفية تلبية الانسان لاحتياجاته تتعلق بشكل أساسي بأولوياته في الحياة. لذا لا يمكن أن نصف شخصاً يصرف معظم نقوده على إحدى هواياته بينما لا يعتني بلباسه على أنه شخص بخيل.
المثل السابق يعطي المفتاح للإجابة على السؤال . كل شخص ومهما اختلفت اهتماماته في الحياة لديه بعض الأمور التي تعتبر ذات أولوية عالية. لكي يقيم الشخص نفسه على أنه بخيل أم حريص يكفي أن ينظر بشكل فاحص إلى تصرفاته تجاه هذه الأولويات.
- إذا كانت أولوية شخص ما في الحياة هي جمع النقود فهو شخص بخيل بالتأكيد.
- وأما إذا كان الشخص مستعداً للانفاق دون حدود فقط على أولوياته في الحياة فهو على الأغلب شخص غير بخيل. وإن كان إنفاقه على بعض الأمور الاساسية مثل الطعام، اللباس والسكن قليلاً جداً. هذا النوع من الاشخاص يكون صعب المعشر لأنه يعيش في فلك اهتماماته متناسياً متطلبات الحياة.
- أما من ينفق بشكل متزن على كل أمور حياته فهو على الأغلب شخص حريص.
وهو أفضل أنواع التصرف على الاطلاق.
وأخيراً يعتبر المسرف على كل شيء متهوراً. يمكن أن تسعفه الحياة والحظ ويعيش قسطاً من الزمان على هواه بفضل مال ورثه أو كسبه بغير تعب. لكنه لا شك وأن مآله إلىالانهيار عاجلاً أو جلاً.
في كل الأحوال، يظل الشخص سيء التدبير والشخص المسرف أفضل من البخيل.
لأن البخيل لايمكن إصلاح حبه لجمع المال وغالباً هذا الشح يقضي عليه وعلى من حوله. أما الشخص سيء التدبير فمن الممكن إصلاحه. بل على الأغلب فإن الحياة كفيلة بتغييره.
الانحراف للبخل يمكن أن يصيب كل انسان. لذا علينا أن نقيم تصرفاتنا تجاه المال بشكل دائم وهذه نظرة معظم الوعظاء من رجال العلم والدين. حيث أن معظمهم يوجه بضرورة مراقبة أنفسنا حينما نلحظ ولعاً زائداً بجمع المال ينتابنا، عندها يجب أن نعلم أننا في الطريق الخاطىء. والتخلص من البخل في بدايته أمر ممكن، لكنه يصبح مستحيلاً بعد أن يأخذ مكانه داخل العقل والنفس.