|
الانقـــــلابات.. حكايــــة مســــتمرة قاعدة الحدث وتأسيس مجلس أعلى للإنقاذ أو الخلاص الوطني بهدف تسيير أمور الدولة وتطهير البيت السياسي من الفساد. وعادة ما يقوم الانقلابيون الأفارقة بتعطيل الدستور, وحل معظم مؤسسات الحكم وإغلاق حدود الدولة إلى أن تستقر لهم الأوضاع ويحكموا سيطرتهم على زمام الأمور.
هذا هو ما حدث بالضبط يوم 18شباط الماضي في النيجر حينما قام الجيش بالاستيلاء على السلطة واعتقال الرئيس مامادو تانغا أثناء ترؤسه اجتماعا لمجلس وزرائه، وسرعان ما أعلن الجيش عن تشكيل المجلس الأعلى لاسترداد الديمقراطية بزعامة سالو ديغبو في نفس الوقت الذي أوقفوا فيه العمل بالدستور. ليست الأزمة السياسية الداخلية هي وحدها التي أطاحت برئيس النيجر مامادو تانغا نتيجة البقاء بالسلطة بعد انتهاء فترة رئاسته, إنما هناك سبب خارجي قوي، هو أن الدول الصناعية صاحبة شركات التعدين الكبرى, والعاملة منها في إنتاج اليورانيوم بالذات خافت على مصالحها. ويرى خبراء إن تانغا أصبح بالنسبة لهذه الدول ورقة محروقة يصعب الدفاع عنه وحان وقت تخليها عنه مثلما حدث مع موبوتو سيسيسكو في الكونغو- كينشاسا, وجامبو ديل بوكاسا في إفريقيا الوسطى, وكاد يحدث لإدريس ديبي في تشاد منذ نحو عامين, وهنا استغل نفر من العسكر الطامعين في السلطة والثروة الفرصة لينقضوا عليه وهم متأكدون من أن الداخل ضاق ذرعاً منه والخارج تخلى عنه بصرف النظر عن إعلان الاتحاد الإفريقي عدم الاعتراف باستيلائهم على السلطة. ويتمثل السبب الخارجي بشكل أساسي في أن الولايات المتحدة وفرنسا ودولا غربية أخرى خافت على مصالحها إذا استمر تانغا في الحكم رغما عن إرادة الشعب, وأن يتم اتهامها بمساندته, الأمر الذي يهدد مصالحها ووجود شركاتها العاملة في النيجر, أو يأتي نظام حكم جديد فيتحالف مع دولٍ أخرى ويعطيهما اليورانيوم وغيره, لذلك من المحتمل أن تكون إحدى هذه الدول أو أكثر قد تعاونت مع الانقلابيين للإطاحة به أو على الأقل أعطتهم ضوءاً أخضر بأنها لن تقف في وجههم. وهنا يمكن الإشارة إلى أن الرئيس المخلوع كان قد هدد الشركات الغربية بحرمانها من الاستثمار وإعطاء المشروعات لشركات آسيوية إذا لم تستجب لمطالبه برفع أسعار الخامات التي تستخرجها من المناجم, ووقع بالفعل صفقات مع عدة شركات صينية في مجال الطاقة. وعرفت النيجر أول محاولة انقلاب فاشلة في 3/4/1965 تلاه انقلاب بقيادة العقيد سينو كونتي في 15/4/1974 أنهى به 14 سنة من حكم الرئيس حماني جوري لينجو بدوره من محاولتين فاشلتين في 15/ آذار 1976 و16/10/1983 وظل كونتي رجل النيجر القوي حتى عام 1987 تاريخ وفاته. وقد شهدت النيجر لحظة تحول فارقة في تاريخها المعاصر بعد اغتيال الرئيس ابراهيم ميناسارا عام1999 حيث سرعان ما قام العسكر بتسليم السلطة لحكومة مدنية بعد انتخابات تعددية فاز فيها مامادو تانغا. واستطاعت تجربة النيجر أن تصمد من خلال الانتخابات الديمقراطية الثانية عام 2004 والتي ظفر من خلالها الرئيس تانغا بولاية daryoussi@gmail.com">ثانية. daryoussi@gmail.com
|