وجاءت هذه النهضة على يد هواة شباب ممن كانوا ينضوون ضمن فرق أهلية ،ومنهم شباب أتقنوا هذا الفن ودرسه بعضهم دراسة أكاديمية ،وكانت هذه الانطلاقة بقيادة مثقف شاب يدعى رفيق الصبان.
قبل المسرح القومي كان الصبان قد أسس لندوة الفكر والفن التي نشطت في عدة مجالات ثقافية ومنها المسرح ونشر الكتب،وباعتباره تلقى تعليما أكاديميا كان من الطبيعي أن يكون مديرا للمسرح القومي ،كما كانت أول مسرحية لهذا المسرح الناشئ في عام 1960بتوقيع الصبان وهي براكساجورا تأليف أرستوفانس .
ويستحق الصبان ما حظي به من تكريم عن جدارة وليست هي المرة الأولى التي يكرم فيها فقد سبق أن كرم في مهرجانات عربية لكن من الواضح أن تكريم وزارة الثقافة كان الأبلغ أثرا في نفسه ولا سيما أنه جرى على خشبة مسرح الحمراء بدمشق التي بدأ عليها أولى خطواته الاحترافية في عالم المسرح .
فقد كرم في فرنسا مرتين بوسام فارس الفنون والآداب، كما كرم بلقب فارس من إيطاليا، ونال الوشاح الأول من تونس كما نال جوائز تكريمية متعددة من سورية ومصر والجزائر.
والكاتب المكرم من مواليد دمشق 1931واسمه الكامل محمد رفيق الصبان ،بدأ عشقه للفن مبكرا وهو ابن ست سنوات ،وكان الطفل الوحيد في أسرته إلى جانب أخت تكبره بخمس سنوات عشق السينما منذ الطفولة ثم المسرح وعمل ناقدا وذهب إلى فرنسا ليكون أكاديميا ،وعندما عاد عمل في جريدة أسبوعية، لكن المسرح بقي همه الأكبر وانشأ ثماني فرق مسرحية .
ومن أشهرها فرقته المسرحية الخاصة ( فرقة الفكر والفن) ثم في عام 1960 المسرح القومي ثم ذهب إلى التلفزيون في عام 1963 ليؤسس ( فرقة الفنون الدرامية ) التابعة للتلفزيون، وكانت تعنى بتقديم المسرح على شاشة التلفزيون في وقت كانت التمثيليات التلفزيونية فيه أقرب إلى المسرح حيث تبقى الكاميرا داخل الاستديو دون توقف الكاميرا ،حيث لم يكن المونتاج التلفزيوني قد ظهر، وقد قدم فيه عشرات المسرحيات .
وعاد بعدها ثانية ليشغل مديراً لإدارة المسرح القومي ، وخلال هذه المراحل الثلاث قام بإخراج العديد من المسرحيات العربية والعالمية،وسواء في المسرح التلفزيوني او المسرح القومي أو الخاص كان مشروع الصبان واحداً هو تقديم مسرح كامل المواصفات يماثل ما يقدم على المسارح العالمية، فنقل المسرح السوري من دائرة الهواية إلى دائرة الاحتراف ومن ارتجالية التهريج إلى مسرح الفكر والتغيير الاجتماعي والثقافي .
وأخرج للمسرح القومي انتيغونا لسوفوكليس ، والخروج من الجنة لتوفيق الحكيم وطرطوف لموليير ،العادلون لألبير كامو،حكاية حب لناظم حكمت، والزير سالم لألفريد فرج، وهي آخر مسرحية أخرجها على خشبة المسرح السوري في عام 1972قبل أن يستقر في مصر بشكل نهائي .
العمل في مصر
كان الصبان من أوائل السوريين الذين عملوا في مصر وقد اختاره الأكاديميون المصريون ليكون بينهم رغم كل ما يمتلكونه من أضواء وشهرة لأنهم وجدوا فيه موهبة وخبرة يمكن أن تضيف الكثير إلى أعمالهم .
في سنة 1969 تعاقد الصبان مع أكاديمية الفنون في مصر لتدريس المسرح،وهناك أحب أن يعود إلى القلم فكتب النقد السينمائي في المجلات المختصة بالسينما وفي مقدمتها مجلة السينما والمسرح التابعة لوزارة الثقافة المصرية ، وبذلك أصبح اسمه متداولًا في أروقة السينما التي بدأت تشهد نشاطا ملحوظا ،ثم عمل محاضرا في المعهد العالي للسينما في القاهرة ،وهو اليوم واحد من أبرز مدرسي مادة السيناريو في أكاديمية الفنون في القاهرة،إلى جانب كتاباته النقدية ومساهماته الفعّالة في المهرجانات السينمائية ،ويسهم في عضوية عدد كبير من اللجان الفنية السينمائية والمسرحية، وواحد من المسؤولين عن مهرجاني القاهرة والإسكندرية السينمائيين.
السيناريو السينمائي
وأراد الصبان أن يكتب السيناريو السينمائي من باب التحدي فكتب قصة وسيناريو فيلم (زائر الفجر ) وطرح لأول مرة في السينما المصرية دور زوار الفجر وتأثيرهم على المثقفين، وشارك الصبان بإنتاجه مع الممثلة ماجدة الخطيب،ودفع فيه كل ثروته ،وحمل الفيلم توقيع مخرج شاب يدعى ممدوح شكري وثم عرضه في إطار خاص فأثار ضجة كبيرة فمنعته الرقابة وطلبت تعديله ورفض المخرج التعديل ثم توفي المخرج بشكل مفاجئ وقامت المنتجة بالتعديل ليسمح بعرضه بعد أربع سنوات من إنتاجه ، وكان هذا الصد والرد بين الرقابة والمنتج كافيا ليسلط الضوء على الموهبة اللافتة في كتابة السيناريو ،ووجد الصبان نفسه شهيرا في كتابة السيناريو، نتج عنه توقيع عقد احتكار خمسة أفلام مع رمسيس نجيب اكبر منتج مصري آنذاك ،وعرضت هذه الأفلام قبل زائر الفجر،وهكذا احترف كتابة السيناريو ولا يزال مستمراً في كتابة ليبلغ عدد الأفلام التي كتبها الصبان نحو ثلاثين فيلما نال عن بعضها جوائز عربية ودولية.
والطريف أن النقاد المصريين كانوا يتحدثون بكثير من الإعجاب بحرفية الصبان في كتابة السيناريو ، بل حدثني بعضهم خلال حضورهم مهرجان دمشق السينمائي كيف أفلتت هذه الموهبة من أيدينا ، في حين أن الصبان ذكر تعليقا على هذا الانبهار به أن كتابة السيناريو أمر عادي بالنسبة له ولا يحتاج إلى موهبة خارقة .
وكانت له مساهمة أيضا في السينما السورية وتعاون مع الفنان دريد لحام في فيلمين الأول في عام 1990 بفيلم (الكفرون ) والثاني (الآباء الصغار) في عام 2005 .
طعم سينمائي مختلف
عمل الصبان في مسيرته السينمائية مع مخرجين لامعين ولهم شهرتهم في السينما العربية وحتى بداياته الأولى كانت مع الكبار أمثال حسام الدين مصطفى وحسين كمال وعلي بدرخان ، كما تعامل مع مخرجين تقليديين مثل عمر عبد العزيز مخرجين شباب يمتلكون لغة سينمائية خاصة مثل ممدوح شكري وعاطف الطيب وسمير سيف أو مخرجة معروفة بالجرأة كايناس الدغيدي.
ويلاحظ المشاهد للأفلام التي كتبها الصبان نكهة مختلفة عن الأفلام التقليدية ، ومن هنا احتل المكانة التي وصل إليها بين كتاب السيناريو العرب ، نجد هذا الطعم في أفلامه الأولى كزائر الفجر والأخوة الأعداء ، وأفلامه الوسطى مثل ليلة ساخنة وقفص الحريم كما نجده في أفلامه الأخيرة الباحثات عن الحرية ، وحتى أفلامه العاطفية يجعل لها بعدا اجتماعيا واقعيا مثل (حبيبي دائما ).
التلفزيون
اتجه الصبان إلى التلفزيون في وقت مبكر ولكن آنذاك بقي متأثراً بالمسرح حبه الأول، لكنه ما لبث بعد شهرته ككاتب سيناريو سينمائي محترف ان اتجه إلى الدراما التلفزيونية ، وربما كانت خطواته الأولى في الدراما السورية عندما كتب سيناريو مسلسل (الدغري ) كما تعامل مع التلفزيون الرسمي عندما كتب سيناريو دمشق يابسمة الحزن عن رواية بنفس الاسم ،وبقي مقلا في الدراما العربية إذ يقدر عدد السيناريوهات التي كتبها بستة عشر مسلسلا آخرها ( أحلام الصيف وأحلام الشتاء ) ويدور حول العلاقة بين جيلين،و مسلسل العزبة قصة كاتيا ثابت ويتناول موضوع العودة إلي الأصل والجذور كسبيل أمام الإنسان الذي يضل الطريق من خلال رجل أعمال يفقد ثروته ويقرر العودة لقريته ليبدأ هناك من جديد.
الكتب
أصدر سبعة كتب آخرها (مد وجزر) سنة 2007 وهو نقد لأفلام عربية ورؤية خاصة ونقد لأفلام أجنبية .
كما صدر له ضمن سلسلة الفن السابع عن مؤسسة السينما ( بريق الذاكرة.. انطباعات نقدية) وهو عبارة عن ذاكرة سنوات طويلة من العمل السينمائي ،وانطباعات نقدية عن أفلام شاهدها وقراءة نقدية متأنية في أفلام وتيارات ونوعيات مختلفة من الأفلام والأشكال السينمائية في مناطق كثيرة من العالم.
مسرحيات الصبان في المسرح القومي
براكسا جورا تأليف أرسطو فانس 1960
الخروج إلى الجنة تأليف توفيق الحكيم 1960
العادلون تأليف: ألبيركامو1960
طرطوف تأليف: موليير1966
بنادق الأم أمينة تأليف: بريخت 1967
حكاية حب تأليف: ناظم حكمت 1969
الزير سالم تأليف: ألفريد فرج 1972
سيناريوهات أفلام رفيق الصبان
1 زائر الفجر قصة وسيناريو 1972
2 الأخوة الأعداء سيناريو وحوار 1974
3 حتى آخر العمر سيناريو 1975
4 قطة على نار سيناريو 1977
5 رحلة داخل امرأة سيناريو وحوار 1978
6 حساب السنين سيناريو وحوار 1978
7 البؤساء سيناريو 1978
8 اذكريني قصة 1978
9 قاهر الظلام سيناريو وحوار 1979
10 حبيبي دايما سيناريو 1980
11 العاشقة سيناريو 1981
12 وادي الذكريات سيناريو 1981
13 عالم وعالمة سيناريو 1981
14 الزمار سيناريو 1984
15 الأرملة والشيطان قصة وسيناريو 1984
16 ويبقى الحب سيناريو وحوار 1984
17 قفص الحريم سيناريو 1986
18 بابل حبيبتي سيناريو 1988
19 الكفرون سيناريو 1990
20 ليه يا هرم سيناريو 1993
21 قدارة قصة وسيناريو 1994
22 عنتر زمانه قصة وسيناريو وحوار 1994
23 ليلة ساخنة سيناريو , قصة 1996
24 دانتيللا سيناريو وحوار 1997
25 فتاة من إسرائيل سيناريو وحوار 1999
26 الرغبة سيناريو وحوار 2001
27 الباحثات عن الحرية سيناريو وحوار 2004
28 الآباء الصغار مشاركة في التأليف 2005
29 ماتيجي نرقص رؤية درامية 2006