فتوطدت اواصر صداقتها مع سورية مواقف واضحة وعادلة من قضايا الصراع في المنطقة و رسمت شكلا متسارعا في تنمية العلاقات السياسية والاقتصادية بما يخدم المصالح المشتركة للدولتين.
وفي هذا الاطار اتت زيارة ا لسيد بولاند ارينتش لتحقق انجازا جديدا في مجال التطوير الاعلامي والسياسي وقد كان للثورة فرصة اجراء هذا اللقاء معه خلال زيارته :
< كيف تقيمون التطور المتسارع الذي تشهده العلاقات السورية التركية مع اعتبار التوازنات الدولية في المنطقة؟
<< اضحت العلاقة بين البلدين نموذجا يحتذى به ولايوجد اي خلاف بين الحكومتين . حققنا تطورا جيدا على المستوى الاقتصادي ونتحرك سوية في المجال السياسي ونحن معا نحو تحقيق الاستقرار والامن في المنطقة . واعتقد ان الدول الشقيقة والصديقة ترحب بما يجري بين بلدينا. اذ يتم متابعة تركيا عن كثب من الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة ولم نلاحظ اي رد فعل تجاه علاقاتنا مع سورية . نحن نعلم ان الولايات المتحدة ترغب بتطوير علاقاتها مع سورية حيث تم تعيين سفير سيصل قريبا وهو تطور ايجابي.
نحن في تركيا نرغب ان لا تعاني اي من دول الجوار اي مشكلات ونري هذه الدول نموذجا يحتذى به وهو علاقتنا مع سورية . في سياستنا الخارجية نحن مع الحوار لحل جميع المشكلات ، اذ لايمكن حل الخلافات بالسلاح و الحروب التي تزيد الصراعات والعداء.
< نلاحظ ان العلاقات الاعلامية لم ترق الى مستوى العلاقات الاقتصادية والسياسية بعد ، لماذا؟
<< هذه احدى النقاط التي تخلفنا عنها حتى الان ، ونرغب في ردم هذه الفجوة . وقد تم ابرام اتفاقية بين المؤسستين الاعلاميتين الرئيسيتين في تركيا تي آر تي ووكالة الاناضول مع نظيرتها في سورية. وتقوم المديرية العامة للصحافة والاعلام في تركيا الان باعداد تقرير حول كافة الاعمال والدراسات التي اجريت مع مع الجانب السوري ،وهنا اود ان اعطيكم لمحة عن الاعلام التركي . في تركيا وكما هو معلوم الاعلام المقروء و المرئي والمسموع قوي جدا في تركيا . يصل مجموع المحطات التلفزيونية الى 255 محطة و1087 محطة اذاعية و24 وكالة انباء و 40 كلية صحافة واعلام في تركيا و 2522 مجلة و 2456 صحيفة و هناك صحيفتان احداهما بالعربية واخرى بالعبرية وخمس صحف ومجلات باللغة الارمينية و لليونان صحيفتان . لدينا اكثر من مئة مراسل صحفي معتمد لصحف ومجلات عربية.
لدينا وسائل اعلام تعنى بشأن المنفعة العامة وتبث على مدار الساعة ولدينا محطة تي آر تي الرسمية التي افتتحنا مكتبا لها امس في دمشق وهي تبث من اثنتي عشرة دولة بما فيها الولايات المتحدة الاميركية.
ويأتي الاهتمام بدمشق كون سورية اهم دول المنطقة بالنسبة لنا وفي هذا الاطار نرغب ان نشاطر اشقاءنا السوريين كافة الخبرات.
< بعد قرار منعكم استخدام اميركا لاراضي تركيا في غزو العراق اصبحتم تمتلكون شعبية واسعة في العالم العربي وسورية تحديدا .. ماهو مرد هذا الموقف الصلب؟
<< شكرا، كنت ترأست مجلس الامة التركي الكبير بين عامي 2002 - 2007 ، وفي الاول من شهر اذار من العام 2003 بدأت القوات الاميركية تدخل العراق الامر الذي اثار الجدل في كثير من انحاء العالم وادعت حينها الولايات المتحدة ان هناك اسلحة دمار شامل في العراق لكن نتائج ا لتحقيق لم تؤد لاثبات هذه الذرائع . فقد كانت اميركا تبحث عن حجج اذ انها سبق وتدخلت في الخليج 1991 ، وكان الهدف الرئيسي اسقاط نظام صدام حسين. لكن الاتهامات التي وجهتها الى العراق لم تلق صدى في دول العالم ولم يصدر قرار عن الامم المتحدة في تلك الفترة حتى ان الاتحاد الاوروبي انقسم الى قسمين ، أيد الاول التدخل الاميركي في العراق ورفض الثاني القرار الاميركي. اضافة الى ذلك لم تتحقق الشروط المشروعة لاحتلال العراق . وكنا نحن في تركيا نتابع هذه التطورات بقلق شديد فنحن نعيش في هذه الجغرافية الواحدة منذ اكثر من الف عام ، والعراق بالنسبة لنا دولة مهمة جدا وكذلك سائر دول المنطقة. فنحن اهل هذه المنطقة اقرباء نتشارك الجغرافية والحضارة والتاريخ وبالتالي من المحال ان نقوم بتتويج اي قرار ظالم يستهدف المنطقة. طلبت الولايات المتحدة حينها امكانية التدخل في العراق عبر الاراضي التركية اذ انهم كانوا يرغبون فتح جبهة من الشمال وبالتالي يسهل عليهم احتلال العراق ،ورغبوا بتمرير مئات الآلاف من الجنود والمئات من الحوامات والطائرات عبر بلادنا . ادى هذا لظهور ردود فعل معاكسة وسلبية لدى الرأي العام في تركيا . لم نكن نساند نظام العراق في تلك الفترة ولكننا اخوة واشقاء للشعب العراقي وبالطبع نحن ضد احتلال هذه الاراضي .
طرح الموضوع للبحث في مجلس الامة التركي الكبير وكنت آنذاك رئيسا للمجلس ووقفت ضده وقلت سيكون هناك خطأ كبير بالموافقة على هذا الطلب. وبعد التصويت الذي جرى في مجلس الامة تم رفض الطلب الاميركي. بالطبع غضبت الولايات المتحدة كثيرا ولكن مجلس الامة التركي الكبير يمثل الشعب التركي . فالحكومة تقوم بالامور التنفيذية ولكن الامور التشريعية تتبع للقانون وبالتالي تتبع مجلس الامة . لايستطيع المجلس ان يقول نعم لكل ماتقرره الحكومة . وهذا الامرموجود في جميع ديمقراطيات العالم. لهذا لم نسمح بمرور القوات الاميركية وبالطبع لاقى القرار ترحيبا لدى الشعب التركي. بعد سبع سنوات مرت نتطلع للامر لنجد كم كان صائبا القرار الذي اتخذ من المجلس والذي لقى حينها صدى واسعا وتقديرا في كل الدول العربية والاسلامية . في تلك الفترة قمت بزيارة العديد من الدول الاوروبية والتقيت كثيرا من رؤساء مجالس البرلمانات الاوروبية الذين قالوا لي : لقد كنتم محقين تماما واستطعتم فعل مالم نستطعه . وكانت سورية على رأس الدول التي قدرت موقفنا ونلنا اعجاب وحب شعبها . بعد هذا القرار بعامين زرت سورية كرئيس للمجلس ورأيت بأم عيني كم أسعد القرار الجانب السوري.
< كيف تنظرون للوضع في العراق ومستقبله؟
<< فيما يخص مستقبل العراق تهمنا ثلاثة امور:
الحرص على وحدة الاراضي العراقية. ان تعود كافة الثروات والمصادر الطبيعية للشعب العراق وحده . في العراق الكثير من الاقليات والطوائف والمذاهب ونرى ضرورة تمثيل حقيقي ديمقراطي لكافة الفئات.
ويبدو لنا ان العناصر المذكورة لم تتحقق حتى الآن . فقد سالت دماء الآلاف من الشعب العراق وتأججت العداوات هناك ويلاحظ انه تم تقسيم العراق الى قسمين حيث يوجد ادارة في الشمال مختلفة جدا عن تلك التي في الجنوب وفشلت اميركا. آلاف من الشعب العراقي قتلوا وظهرت مشكلات في عملية التحول نحو الديمقراطية وقررت اميركا بعد ذلك الانسحاب وترغب الان بتحقيق الانسحاب من خلال خطة معروفة وتقدم تركيا العون والدعم للحكومة في العراق وستقدم تركيا لاميركا الدعم اللوجستي خلال فترة انسحابها من العراق . وقد لاحظنا انه لم يكن هناك اي تعاون او دعم بين الاقليات او الاحزاب الموجودة في العراق مع انهم قادمون على انتخابات فيها . ومع الاسف ستتعرض هذه الانتخابات للكثير من الصراعات والجدل. وتدعو تركيا الآن الكثير من الفرق الموجودة في العراق للعمل على انجاح الانتخاب لمصلحة الشعب ولكن يبدو لنا ان هناك بعض الصعوبات في هذا الامر.
< ماهو واقع العلاقات ا لتركية الحالية خصوصا بعد زيارة السيد رجب طيب اردوغان الاخيرة لواشنطن وهل انتم متفائلون بعمل ادارة الرئيس اوباما؟؟
<< تعود العلاقات التركية الاميركية الى ستين عاما مضت . مرت علاقاتنا بفترات دفء وفترات صدامات ولكنها الان اصبحت واقعية ونزيهة اكثر . ونحن في علاقاتنا مع الولايات المتحدة الاميركية نفكر بمصلحة تركيا اولا وبمصلحة دول المنطقة والجوار.
وعن الادارة الاميركية الجديدة فاننا وبالمقارنة مع ادارة الرئيس السابق بوش ننظر بعين الرضا الى ادارة اوباما وقد قام السيد اوباما بلفتة كبيرة حيث اجرى زيارة الى تركيا والقى خطابا في مجلس الامة التركي الكبير وقبل ذلك زارت السيدة هيلاري كلينتون تركيا . ومن ثم اتت زيارة السيد اردوغان واخص الثورة هنا بخبر عن زيارة السيد اردوغان الى الولايات المتحدة في الاسبوع الاول من شهر نيسان القادم. وكل ذلك بهدف تطوير العلاقات والارتقاء بها مستقبلا.
< كيف ستحقق تركيا التوازن بين علاقات الجوار والدور المطلوب منها كلاعب هام في المنطقة في عدد من الملفات منها : المفاوضات المباشرة بين سورية واسرائيل علما انها الوسيط المختار من قبل سوريةالتي تؤكد نجاحها في المهمة ، ملف ايران النووي ، افغانستان ، القدس؟
<< قبل كل شيء بالنسبة لنا الموضوع الاهم هو السلام والحوار . نحن حريصون على وحدة اراضي الجوار . نحن نحترم كافة الخيارات لسياسة هذه الدول . وفيما يتعلق بالارهاب فهو جريمة انسانية لايعرف اي دين او بلد او حدود. ومن يرتكب اي عمل ارهابي لايقابل بشكل ايجابي وسنستمر بمكافحة الارهاب . ننظر الى افغانستان وباكستان من خلال ذلك . هناك بعض القوى ترغب بافساد العلاقات بين ا لدول وبالتالي نجد انفسنا مضطرين لنتابع كافة الافعال التي تقوم بها هذه القوى تجاه المنطقة.
فيما يتعلق بملف ايران النووي نرى ان لايران كل الحق في تطوير طاقتها النووية في الاطار السلمي ونحن لا نقبل باي تدخل عسكري اميركي في الشأن ا لايراني. كما نرغب ان يتم تناول هذا الموضوع من خلال ابواب حوار مفتوح . وطبعا شرط ان تصل كافة الدول الى الاستقرار الذي يلبي حاجتها . وعما يجري في غزة يؤلمنا ويفتت قلوبنا مايجري في غزة ونسمع العالم الاعتداء على الاطفال والشيوخ . وتعمل تركيا على تقديم كل الدعم لفلسطينيي غزة ولكن هناك شرطا هاما وهو ان يعمل الفلسطينيون على وحدة صفهم . اما مسألة تهويد القدس فنحن نتابع بكل أسف مايجري هناك . فالقدس هي قبلة المسلمين الاولى . ولانستطيع ان نقبل اي عملية تهويد لهذه المدينة او اي تطبيق عنصري عليها .وقد انتقدت تركيا دائما الموقف العدواني الذي تتبناه اسرائيل هناك . فموقف تركيا واضح جدا.
***
تصوير سليمان عباس