تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


وبدأت الحكاية من هيروشيما..

لوموند
دراسات- ترجمة
الأحد 11/9/2005
بقلم: أندريه فونتين - ترجمة: دلال ابراهيم

لم يكن يخطر ببال اليابانيين أنهم عشية هجومهم على ميناء بيرل هاربور الأميركي في 7 كانون الأول من عام ,1941 كان الرئيس روزفلت قد اتخذ القرار الذي أذاقهم بعد أربع سنوات طعم القيامة.

فبعدما اقنعه كل من العالم الرياضي اينشتاين والفيزيائي ازيلار, أن قمة علماء ألمان يعملون لإنتاج قنبلة ذرية, أطلق الرئيس روزفلت مشروعه الشهير, الذي عرف باسم (مشروع مانهاتن), الذي يتيح للولايات المتحدة امتلاك القنبلة الذرية, وغداة تحرير ستراسبورغ.‏

وبعد بحث دقيق من قبل المخابر التي أقيمت لهذه الغاية تبين أنه تم التخلي عن هذا المشروع, ليبدأ بعدها جدل حاد في الداخل الأميركي.‏

العسكريون, من جهتهم, أيدوا المشروع بحماس إلا أن اينشتاين وازيلار, حاولا اقناع الرئيس ترومان, خليفة الرئيس روزفلت بالتخلي عن المشروع.‏

وأرسل العالم الفيزيائي, الحائز على جائزة نوبل جيمس فرانك رسالة إلى وزير الدفاع الأميركي حينها سيتمسون يلفت فيها عنايته إلى استحالة تحكم العم سام مستقبلاً.ولفترة طويلة بالسيطرة على القنابل الذرية, وحذره من استخدامها ضد اليابان قبل إجراء تجارب عليها فوق مناطق صحراوية مقفرة وأجري الاختبار الأول على القنبلة فوق صحراء المكسيك في 16 تموز من عام ,945 وكان الرئيس ترومان قبل بضع ساعات في مدينة بوتسلام للقاء كل من الزعيمين الروسي ستالين والبريطاني تشرشل.‏

وقد شجعه الأخير, حينما استأنس برأيه متوقعاً حسبما جاء في مذكراته (حدوث مقاومة يائسة حسب تقاليد الساموراي) ورأى في (ظهور هذا السلاح فوق العادي, حجة تسمح للشعب الياباني بحفظ ماء وجهه والتخلص من الفروض التي ترغم ابناءه على قتل أنفسهم حتى آخر فرد).‏

وحرص الرئىس الأميركي هاري ترومان أن يكون دقيقاً ومحدداً مع القيادة السوفييتية التي اكتفت بالحديث عن المشروع بالقول (سلاح التدمير لقوة خارج الاجماع).‏

وفي الواقع, كانت الإدارة الأميركية حينها تمتلك شبكة جاسوسية استطاعت من خلالها السير في طريق تصنيع قنبلتها الذرية اعتباراً من ربيع عام ,1942 وبالتالي فإن ما جرى في صحراء المكسيك الجديدة ليس سراً خافياً على أحد.‏

وحال انتهائه من الاجتماع مع الرئيس ترومان, استدعى الزعيم السوفييتي ستالين القادة العسكريين المسؤولين عن المشروع الذري السوفييتي, لكي يعلمهم بأولوية هذا المشروع وأن لا شيء سيرفض لهم نظراً لأن خشيته وربيته من الانكلو -ساكسوني كانت مشتعلة دوماً.‏

وقال لرئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل حيث التقاه في بيريا صيف عام 1942(لقد خان الأميركيون وعدهم بالعمل معنا في مشروعهم العسكري), وإنهم يحضرون القنبلة العملاقة ضد الاتحاد السوفييتي.‏

وفي رده على تساؤل ازيلار في أيار من عام 1945 أجاب وزير الخارجية الأميركية بيرنتر قائلاً (اعلم أن الولايات المتحدة امتلكت القنبلة التي ستؤثر في الاتحاد السوفييتي وتجعل مرحلة ما بعد الحرب أسهل للقيادة).‏

وحث قادة الجيش الأميركي الرئيس روزفلت وترومان بتقديم تنازلات كبيرة للرئيس ستالين سواء في الشرق الأقصى أم في بولونيا, ليضمن تنفيذ وعده بالتدخل ضد اليابان في غضون الأشهر الثلاثة التي تلي استسلام الرايخ.‏

وكما نعلم تم تنفيذ هذا الوعد, ولا يشك أحد أن المواجهات الأولى في فترة الحرب الباردة (اذربيجان ايران -الحرب الأهلية اليونانية, المضائق التركية وحصار برلين) قد توقفت بسبب التراجع السوفييتي نظراً لعدم امتلاك الكرملين القنبلة الذرية, والتي صارت في حوزته اعتباراً من عام.1949‏

حيث ظلت الولايات المتحدة محتفظة لنفسها بالموقع المتقدم في هذا المجال, لغاية اندلاع أزمة خليج الخنازير الكوبية عام .1962‏

وبعد انتهاء هذه الأزمة انطلق الاتحاد السوفييتي في مشروعه لتطوير السلاح الذري وسباق التسلح الذي انتهى إلى قيام ما دعوه (توازن الرعب) بين الدولتين العملاقتين, واستنفاد جزء كبير من اقتصادهم, ولا سيما الاقتصاد الروسي الأمر الذي حدا بالرئيس ميخائيل غورباتشيف إلى وأد الحرب الباردة, وتخلي روسيا التدريجي عن ترسانتها النووية.‏

يبلغ عدد الرؤوس النووية في العالم, حسب احصائيات صادرة في عام 1979 /600/ ألف رأس, أي ما يعادل /4/ أطنان متفجرات في كل رأس.‏

بينما تبلغ تكاليف هذه الرؤوس مليون دولار كل دقيقة, وكما يعلم الجميع تتركز هذه الرؤوس النووية في الولايات المتحدة, وبدرجة أقل في روسيا وفرنسا وبريطانيا وإسرائىل والهند والباكستان وكوريا الشمالية.‏

أثار قرار إيران بالمضي في مشروعها القاضي بتخصيب اليورانيوم حفيظة الدول الغربية, رغم تأكيد طهران أن مشروعها هذا ستستخدمه لأغراض سلمية.‏

ولكنها على عكس كوريا الشمالية, تعتبر إيران من الدول الموقعة على معاهدة منع انتشار الاسلحة النووية, في عام 1975وأكد عليها عام 1995 /175/ بلداً.‏

وفي الآونة الأخيرة, علقت كل من البرازيل والارجنتين وجنوب افريقيا وليبيا برنامجها النووي, كما تدهورت علاقات الهند مع جارتيها الصين والباكستان, لامتلاكها السلاح الذري.‏

ولا غرو في القول إنه لضرب من المعجزة أن تكون قنبلة هيروشيما حتى الآن القنبلة الأولى والوحيدة في العالم, وانهارت شعبية الرئىس ترومان عندما أرسل سفيره ماك ارتور, إثر التدخل الصيني في كوريا, لمنعها من اخضاع منطقة الماندوشين بالنيران الذرية, وعبثاً حاولت الحكومة الفرنسية اقناع ايزنهاور اطلاق غارة ذرية من أجل تخليص دين بيان فو.‏

وخلال أزمة كوبا, كان العالم قاب قوسين أو أدنى من الكارثة الذرية ولغاية إثبات العكس, فإن الخطر الذي يشكله اولئك الذين يجرون أولاً وراء السلاح الذري كبير, بحيث أن أحداً لا يتجرأ على الضغط على الزر الشهير.‏

ولا يمكن لكوريا الشمالية المحاطة بالولايات المتحدة وروسيا والصين, توقع شيء من جريها خلف النار الذرية, إلا أنه محاولة من حكومة بيونغ يانغ لامتلاك الوسائل التي تمكنها من الصمود في وجه التهديدات والضغوطات الأميركية.‏

وكذلك الأمر بالنسبة لإيران, التي تطلق تحذيراتها إلى الولايات المتحدة وإسرائيل وتعمل سعياً لعدم الخضوع والتبعية.‏

ولكن ليس واضحاً إن كان أي تدمير كلي للسلاح الذري, الذي يجري الحديث عنه دورياً, يمكن أن يزيد من فرص السلام في العالم.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية