تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


نسبة المبصرين إلى المعصوبة عيونهم

الصفحة الاخيرة
الأحد 11/9/2005
عبد النبي حجازي

روى أبو عثمان عمرو بن بحر الجاحظ (776م ¯ 159ه¯/869م ¯ 255ه¯) أنه دخل على أربعة طلاب علم فوجدهم يقرؤون على ضوء سراج ماعدا واحداً منهم رآه معصوب العينين . سألهم عن السبب فقالوا إنه لم يشاركهم الغُرم, أي لم يدفع ماترتب عليه من قيمة السراج وثمن الزيت .

فإذا أخضعنا هذه الحادثة إلى النسبة والتناسب نرى أن نسبة المعصوبة عيونهم غير القادرين إلى المبصرين القادرين هي واحد من أربعة .‏‏

وإذا قفزنا إلى زماننا اليوم في مطلع الألفية الثالثة نرى أن النسبة معكوسة ومختلفة . فإن نسبة المبصرين القادرين إلى المعصوبة عيونهم غير القادرين هي واحد من مئة ألف على أقلّ تقدير.‏‏

في شهر حزيران مطلع الصيف الحالي سألت بائع الصحف في جيرود :‏‏

(أيّ الصحف أكثر مبيعاً ?) قال : (صحفنا اليومية) سألته : ( كم تبيع منها ?) قال : (جريدة الثورة (50) عدداً, وتشرين (28), والبعث (10) . على أن يتحقّق شرطان : ¯ الأول : أن تكون فيها مراسيم وقرارت هامة أو تحقيقات صحفية ميدانية تهم المواطنين, وتعالج همومهم ومشاكلهم وقضاياهم بجرأة وموضوعية . ¯ والثاني : أن تصل قبل الثامنة صباحاً, وإلا ارتفعت نسبة المرتجعات )‏‏

كررتُ السؤال أواخر شهر آب فقال : (قامت مؤسسة توزيع المطبوعات بدراسة دورية تجريها كل ثلاثة أشهر عادة على المبيعات والمرتجعات بواسطة الحاسوب فقررتْ تعديلَ الكمية إلى: (62) من جريدة الثورة (29) من تشرين (15) من البعث . على أن يُطبَّق الشرطان أعلاه )‏‏

فإذا ما اتخذنا جيرود نموذجاً وعدد سكانها المقيمين 27000 نسمة وعدد الصحف التي تباع فيها106 في أحسن حالاتها فتكون النسبة : جريدة واحدة لكل 255 مواطن .‏‏

ولعل النسبة ستكون مخزية لو تناولنا بها قراءة الكتب المطبوعة .‏‏

لكن الأمر يختلف في مجال الغناء والطرب . فإذا حسبنا مطربي الإذاعة , والتلفزيون,والفيديو كليب,والملاهي, وعلب الليل, والحفلات, والأعراس ,والسهرات .. قد تصل النسبة إلى أربعة مطربين لكل مواطن, يغنون في وقتٍ معاً أغاني الطرب والإيقاع والفلوكلور, وكل منها تطرق مسامعك فيختلط بعضها في بعض فتحسد الصمّ البكم ..‏‏

أما في المجال الاقتصادي فإن حصة المواطن من المعصوبة عيونهم غير القادرين بحسب البطاقات التموينية هي كيلو غرام واحد (1000) غرام من السكر شهرياً, فإذا قسمناها على عدد أيام الشهر تكون حصة المواطن حوالي (33) غراماً في اليوم أي أنها أكثر من نصف ربع أوقية بقليل وأظنها كافية لوجبة شاي كاملة . وحصة المواطن من الأرز هي نصف كيلو (500) غرام شهرياً أي في حدود (17) غراماً يومياً وأظنها تساوي أكثر من ملعقة من الحجم المتوسط.‏‏

وبين فترة وأخرى تقفز الأسعار : الكهرباء, والماء, والمازوت, والبنزين, وزيت الزيتون, وجميع السلع الأساسية .. وكلها تنعكس على المعصوبة عيونهم غير القادرين بشكل مباشر أو غير مباشر, وتستعصي على قياس النسبة والتناسب في حساب فوائدها لدى المبصرين القادرين, ومضارها لدى المعصوبة عيونهم غير القادرين لكثرتها وتشعّبها .‏‏

يُروى أن ثلاثة من طلاب العلم (عراقي وشامي ومصري) التقوا في طريق, فتربع كلٌ منهم, وفتح زوادته يأكل منها :‏‏

قال العراقي وليس معه سوى الخبز والبصل : (خبز وبصل أكل الأُصَل)‏‏

قال الشامي وليس معه سوى الخبز والماء : (خبز وماء أكل العلماء)‏‏

قال المصري ومعه خبز وجبن : (كلُّه من قلّة anhijazi@scs-net.org‏‏

"‏‏

anhijazi@scs-net.org‏‏

‏">الجُبْنة)‏

anhijazi@scs-net.org‏‏

"‏‏

anhijazi@scs-net.org‏‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية