اهتمام عام
الاهتمام بالتحكيم التجاري بدأ يتوسع ويتضح في سورية من خلال المظلة التي وفرها القانون رقم 4 لعام 2008 الخاص بالتحكيم.
فها هي هيئة الاستثمار تعمل على اخراج محكمة استثمارية وسوق دمشق للأوراق المالية تعد نظاماً للتحكيم وهيئة الاشراف على التأمين شكلت لجاناً تحكيمية خاصة لفض النزاعات التأمينية قبل اللجوء الى القضاء ومقابل ذلك تعمل غرفة تجارة دمشق على احداث محاكم تجارية لفض النزاعات بين التجار.
اضافة الى ذلك تعمل جامعة دمشق على اخراج مراكز تحكيمية وبالتوازي مع ذلك بدأت تنتشر المراكز التحكيمية الخاصة والتي قارب عددها الثمانية في مختلف المحافظات السورية. ويرى الدكتور محمد سامر القطان الاستاذ في جامعتي دمشق والبعث ويحمل صفة محكم عربي دولي أن التحكيم هو طريقة وأسلوب لحل المنازعات عن طريق شخص أو أكثر يسمى محكماً أو محكمين ويثق بهم أطراف النزاع لما قد يتمتعون به من نزاهة وحيادية في النزاع بدلاً من اللجوء الى القضاء وبذلك يتجنب الاطراف الاجراءات المعقدة وعلانية الجلسات وربما الرسوم والتكاليف الباهظة اذ في التحكيم يتم فصل النزاع بشكل سريع وباجراءات سرية تتناسب مع متطلبات الحياة التجارية.
استشعار الأهمية
وبرأي القطان فإن العالم ميز نوعين من التحكيم الأول يأخذ الحالات الفردية وفيه يعهد بمهمة الفصل بالنزاع لمحكم أو أكثر وتتشكل هيئة التحكيم من هؤلاء للفصل بهذا النزاع أما التحكيم المؤسساتي فيبدو في مؤسسات التحكيم المتخصصة التي شهدها العالم واتخذت لنفسها مهمة التحكيم والوساطة والتوفيق وأهمها غرفة التجارة الدولية في باريس.من هنا استشعر المشرع في سورية وتلمس أهمية مثل هذه المراكز في هذا الزمن الذي تتنافس فيه الدول لجذب الاستثمارات اليها وجذب حتى التحكيمات الدولية على أراضيها كعامل اساسي يساهم بشكل فعال في نجاح الاستثمار.
مراكز التحكيم الخاصة
النقطة اللافتة اذاً انتشار المراكز التحكيمية الخاصة في سورية وفي ذلك تبين المحامية ريم دولة من مركز حمورابي للتوفيق والتحكيم التجاري أن التحكيم هو ترجمة للتطور الحاصل في البنية التشريعية واستجابة حقيقية لأجواء الانفتاح الاقتصادي وتدفق الاستثمارات في مختلف القطاعات التي يشهدها القطر والتحكيم نقلة نوعية وضمانة على صعيد بيئة العمل والاستثمار وتلبية لمتطلبات المستثمر العربي والاجنبي.
ويعود الدكتور القطان ليرجع التحكيم على أنه أول صورة من صور تحقيق العدالة وقد عرف في كافة المجتمعات عبر التاريخ ومن ثم بعد نشوء قضاء الدولة تراجع دوره لكن ما لبث أن عاد الى الحياة المعاصرة وازدهر مع ازدهار التجارة وخاصة الدولية واضحى اليوم الوسيلة المثلى لفض النزاعات التجارية الدولية وذلك ليس انتقاص من قضاء الدولة ولا هو منافس له اذاً هو قضاء خاص يلجأ اليه المتخاصمون لحل خلافاتهم ليس فقط تجنباً للبطء أمام القضاء العادي بل للاستفادة من السرية التي يقدمها التحكيم أما في القضاء العادي فلا يمكن أن تجري الجلسات الا بشكل علني.
بنفس الاتجاه تعتقد المحامية دولة أن التحكيم قبل أن يكون قانوناً كان سلوكاً متجذراً في موروثنا الروحي والاجتماعي من حيث الجوهر وإن اختلف الشكل والمظهر وما زال سلوكاً محبباً للنفس البشرية التي ترفض فرض الآراء والاحكام عليها لذلك وجد المشرع أن الحكمة تقتضي تنظيم التحكيم.
ما يجب أن يكون
في الختام طالب الدكتور القطان نشر ثقافة التحكيم في مختلف الوسائل واقامة الندوات للتعريف به وتفعيل دور مراكز التحكيم التي أنشئت والتعريف بها وبدورها ومكانتها اضافة الى تعديل القانون رقم 4 لتلافي بعض النواقص فيه حتى يغدو القانون جاذباً للاستثمارات وجذب حتى التحكيمات الدولية الى سورية ليتكامل مع القوانين الاخرى التي تشجع الاستثمار والتجارة الدولية.