تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


لا تخرجـوه مـن حـلمه

آراء
الخميس 18-2-2010م
حنان درويش

كان معرض الأطفال لافتاً تستريح العين على ضفاف ألوانه الحارة، وتضيء النفس تحت ظله ويرى الكبار دواخلهم في خطوطه وحيثياته وإيحاءاته الفطرية الجميلة، فنانون معروفون زرعوا العالم فنا، وجابت معارضهم الآفاق،

وحصلوا على جوائز لا تحصى.. قالوا، وهم ينثرون أفكارهم تباعاً، ويبدون إعجابهم الشديد بأعمال أبدعتها أعمار تتراوح بين السادسة والثانية عشرة:‏

- إن هذه الإبداعات فيها من الخلق الشيء الكثير‏

- أصابع الأطفال تفوق أصابعنا ابتكاراً.‏

- هذه الثروات علينا حمايتها والحفاظ عليها.‏

فور سماعي تلك العبارات الألقة، ورد إلى ساحتي عبارة أكثر ألقاً للفنان العالمي بيكاسو حيث قال:‏

- لقد أمضيت ست سنوات من عمري في محاولة للإفادة من الفنان« فلاسكز» وأمضي بقية عمري في محاولات لتقليد فن الأطفال.‏

ترى... إلى أي مدى تذهب مقولة بيكاسو المتفردة؟ وإلى أي مدلول تذهب؟.. وإلى أي الطرق تقودنا وتفضي بنا؟ هو فضاء الطفل الرحب، السمح، الغني، المنطلق نحو عوالم سحرية خالية من العيوب والنواقص. لابد أن الفنان العالمي يقصد بمقولته ذلك الأثر العفوي الذي يتركه خط الطفل ولونه وحركاته اللولبية والدائرية والمستقيمة، وحركة القلم ، وقطعة الحوار، وابتداع التقنيات بدافع الجمال الفطري، الخارج عن المألوف، وعن الرتيب.‏

إن الرسم يعتبر تركيزاً وتأملاً واستغراباً في حالة إنسانية راقية. وخطوط الأطفال هي أحلام يقظة مجسمة على الأوراق والجدران والسبورات والأرصفة، تصور انفعالاتهم وتأملاتهم ورغباتهم المكنونة، وما يدور بعقولهم ودواخلهم من ظاهر وباطن، هذه الرموز والعوالم والمعطيات التي يعجز الكبار عن تصويرها، والتي قد يرونها غريبة عجيبة، لها عند الطفل الموهوب دلالات واقعية ترتبط بالبيئة المحيطة به، وبمدى إدراكه لهذه البيئة، كما تكشف عن مشكلاته الحياتية، وعن آلامه وآماله، وما تحقق منها وما لم يتحقق تنقل واقعه النفسي وظروفه ومشكلاته بشكل عفوي. يمكن أن يصبح مجالاً للتحليل، مايساعدنا على فهم عالمه، لأن الطفل في مراحله العمرية الأولى، لا يستطيع الكلام قدر ما يستطيع الرسم.‏

فقد يخجل أحياناً من التعبير عن موضوع ما. أو لا يستطيع الإفصاح عنه، أو يخشى التلميح إليه، نتيجة عقدة ما، أو مانع من الموانع. لكنه يجد في الرسم متنفساً عما اختزنته أعماقه من مكنونات لا ندركها منذ الوهلة الأولى، ولا نحيط بها بسهولة.‏

تباينت آراء الناس زوار المعرض.... كل شخص أدلى بدلوه فيما يخص لوحات الفنانين الصغار. الفنانون الكبار كانت لهم آراؤهم المتخصصة المتميزة:‏

- دعوا الموهوب يعبر عن واقعه بالألوان‏

- لا تخرجوه من حلمه الجميل.‏

- ليس أقسى على روح الطفل من إحباطه.‏

- أهم مشكلة تبرز في حياة الأطفال تقليدهم للآخرين.‏

- الصغير خلال سنواته الأولى يرسم كما يلعب.‏

- مادة الرسم في المدارس مظلومة بالنسبة لبقية المواد.‏

تلك الأقوال المتناثرة في فضاء المعرض، شكلت إجماعاً كاملاً حول أهمية الرسم بالنسبة لسن الطفولة، وضرورة الاهتمام به في المدارس الابتدائية ، وتقدير الحصة الدرسية، وإيلائها العناية الكبيرة، من قبل مختصين ومختصات، كما هي مادة الرياضيات والعلوم والفيزياء والكيمياء واللغة العربية، ويكون ذلك لا بتعليم فن الرسم وتلقينه، ولكن بخلق جو من التحريض عليه، وتنمية مدارك التلاميذ، كل حسب نسبة الموهبة لديه، ونسبة جموح الخيال وخصب الميول، عبر تحسس الأشكال والألوان والأشياء لتنافس فنون الصغار ، فنون الكبار، بصدقها، وتلقائيتها وبساطتها الجميلة.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية