الذي يردده الشاعر بايرون من أن الحب هو طريقة لتزجية الفراغ لدى الرجل ولكنه بالنسبة للمرأة هو الحياة.
في الواقع إننا نعيش تجاربنا مجزأة إننا نعيش على الأكثر في الحاضر بيدأننا لو كنا مخلصين لاعترفنا بأن الحياة سلسلة من اللحظات ترتبط ببعضها، وبحاجتنا إلى أن نظل أحياء، وبالحب نقهر الضجر ، أحيانا محبو المال لا يخطر ببالهم الحب إلا علاقة تجارية، فالتاجر القابع في محله يلصق هذه الأشياء- حسب مصلحته- ببعضها وهو يعتقد أن غاية الحياة تكمن في حصوله على صفقة مربحة أو سيارة فخمة ، أما السياسي فيقرن غايته بهدف الحزب الذي ينتمي إليه ويربط رجال الدين هذه الأشياء بالكتب المقدسة ، إن جميع هؤلاء يستخدمون أنواعاً مختلفة لغاية واحدة، هي إضفاء نظام ما ولغرض معنى ما.
وكل هذه المحاولات لا تعدو أن تكون تزييفاً ، لو كنا مخلصين لأدركنا أن الحياة من دون الحب لا معنى لها، إنه يحول حياتنا إلى بحث عن معنى ما وغير ذلك كل شيء عديم المعنى إلى أن نكتشف معناه.
الحب الحقيقي ليس ما يدعى بالجنس لدى كثير من أجيالنا الشابة، الجنس هو شيء معاكس لكل ذلك، إنه معاكس لهذا الشعور باللاقيمة واللاجدوى إنه شعور طاغ بالقوة والأمان،إنه الاختفاء التام للشعور بأنك شيء عادي، إنه إيمان غامض، بأن - من دون الحب لا شيء مهماً، وبالحب كل شيء جميل، هكذا أفهم ، كثيرا ما أمر بمشاعر مختلفة مثل الأطفال، مثلا إن مجرد الشعور بالانعدام التام للهدف لدى الطفل أنه يسعى لامتلاك كل شيء حتى دمى أخته، حب السيطرة تنمو مع الطفل، وما يحميه أن يتعلم الحب، حب أمه وأبيه وأخته وأخيه، ثم حب المدرسة، والرفاق ،والاساتذة فينمو معه الحب كشيء أساسي في حياته.
وبهذا لا يسلك تلقائيا طريق السعادة، الحقيقة التي لا مناص منها هي أن الحب أعظم ما يمكن أن يقع للإنسان، الذي بدأ يشعر بالسعادة والحماس، بالامتنان للحياة لأن الحب يعلمه الثقة بالنفس وبالتالي الثقة بالناس.
أحيانا وأنا أفكر بهذا الموضوع أتساءل لماذا أكثر الناس لا يؤمنون بشيء اسمه الحب إلا مقرونا بالجنس والاستيلاء على الآخر خصوصا الرجال الوحشيون، الذين ما إن ينالوا وطرهم من المرأة تصبح لاشيء هذا يدل على دناءتهم واحتقارهم لأنفسهم.
الحب جميل بالخيال، إنه يحرك ملكة التخيل في قلوبنا وأفكارنا وأدمغتنا، وهو وضوح النهار ومصيدة الزمن، رمز اللامرئي، اللامرئي هو كل ما يمكنك رؤيته في هذه اللحظة، إلى أن يتمطى الوعي ليضم. بين جوانحه كل المكان والتاريخ، وهو التحرر بكل المواصفات وبه نزداد قوة يوما بعد يوم إننا به، نحس بأننا على وفاق مع أنفسنا ووجودنا، وأن بوسعنا أن نحقق أمنياتنا وأحلامنا، وبه نتبصر أعماقنا ونزداد حماسة لاكتساب الحياة، فهو يولد بنا الاهتمام بالآخرين.
ليست الحياة- كما يتصور المتشائمون- استعدادا للعذاب الأبدي لأن الحب يعمل ضد الألم بكل أشكاله يصده عن أنفسنا بقوة ذلك عندما نتحرر من شبق الجسد.
قد يسأل سائل: هل نعني أن الجنس لا قيمة له في الحياة؟
لا لست أقصد ذلك، الجنس تتمة للحب وليس الحب تتمة للجنس، الجنس هو الخصب واستمرار الحياة، وظيفته هي هذه لكن عندما نبدأ بالجنس يصبح الحب مغضوباً عليه وبسبب ذلك نفقد لذة الحب، الزواج أمر هام لمن لم يتزوج بعد، ولكن العلاقة مع المرأة المتزوجة مع زوجها، من المقدس والنبل والفروسية ما يجعل حياتهما في ذروة السعادة ثم الانجاب والأولاد زينة الحياة الدنيا.
خلقنا لنحب بعضنا بعضاً، هي الحياة كما كانت منذ الأزل وستظل هكذا إلى الأبد، ولكن من الضروري أن نجعل هذا الحب وسيلة لغاية كبرى هي أن نبني مجتمعاًحضاريا وراقيا له اخلاقه ومثله العليا ومبادئه السامية والإنسانية .... لننظر إلى فساد الغرب عندما أتاح لأهله التحرر من كل شيء ، ودون مساءلة.. لقد صدَّروا إلينا الأمراض والمخدرات بأنواعها وصدَّروا إلينا الإيدز وانفلونزا الطيور ثم الخنازير، كل ذلك بسبب تخليهم عن المبادىء الإنسانية وعن القيم والمثل العليا، التي مازالت والحمد لله تهيمن على مجتمعاتنا العربية مع أن بعض شبابنا يمشي على طريقهم في التقليد دون هدف إلا التأثر المبالغ بهم.
علينا أن نمتلك الحنين إلى الأطياف والخيال وتعلم الكلام الجميل خصوصاً في حضرة المرأة التي تخجل مهما كانت جريئة من كلام الرجل عن الجنس والتبجح به دون طائل.
لو دققنا النظر إليهم في الغرب نجد أن الشيطان هو الذي يمتلك أفكار أهله ، هل يساورنا الشك ونحن ننظر حوالينا في أرجاء عالمهم: خطر الحرب في كل مكان، الجريمة والشر بلغت مستوى ً عالياً جداً،لا حظ جرائم القطاع الشرفي في لندن، وانظر ماذا يفعل الروس بجيرانهم وانظر إلى مخزون القنابل الذرية والهيدروجينية، لقد أصاب العالم جنون لأن الشيطان فيه هو الملك وهذا سبب من أسباب خلق دول استعمارية جديدة تحتل وتقتل الناس الأبرياء،
إن الوضع الآن تماما كما توقعت الكتب المقدسة يشرح سفر الرؤيا للقديس يوحنا الدمشقي والذي على يديه انطلقت المسيحية إلى العالم، إنه يتنبأ بوضوح تام بأن الناس سيسعون لإصلاح الأمور، لكن بعد فوات الأوان.
ففتح بئر الهاوية وصعد دخان من البئر كدخان أتون عظيم فأظلمت الشمس والجو من دخان البشر وفسادهم.
الآن لا شيء يمكن ان يوقف شيطان الشر في العالم إلا الحب ولا شيء يوقف العالم في السير قدما نحو الحساب الأخير إلا بالحق .
فلنحب بعضنا بعضاً ولنكن تحت قيمه وظله أسيرون له وهو أسر جميل دون شك.
وحديث الحب له بقية