تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


ماذا تريد واشنطن من لقاء أوباما-الدالاي لاما؟

موقع VOLTAIRENET
ترجمة
الخميس 18-2-2010م
ترجمة : دلال ابراهيم

بات مستبعداً جداً ترقب الوقت الذي سيدعو فيه الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى عقد قمة ثنائية تجمع الصين والولايات المتحدة الأميركية من أجل قيادة العالم

حيث زادت الولايات المتحدة الأميركية خلال الآونة الأخيرة من استفزازاتها ضد الصين، مثل بيع أسلحة إلى جزيرة تايوان التي تمتلك تطلعات انفصالية عن الصين، أو إعلان المدير القومي للاستخبارات عن قرب وقوع حرب موجهة ضد بكين، وأخيراً الإعلان عن استقبال زعيم الانفصاليين في التيبت الدالاي لاما في البيت الأبيض. وفي هذا المقال يعرض البروفيسور دومينيكو لوزوردو الرغبة الأميركية في تفكيك الصين.‏

بات الخبر الآن رسمياً، عما قريب يستقبل الرئيس باراك أوباما في البيت الأبيض الزعيم الروحي الدالاي لاما، واللقاء بين هذين الشخصين التوءمين بات أمراً محتوماً. ويفصل بينهما عشرون عاماً (1989و2009) بين حصول الاثنين على جائزة نوبل في السلام. وللدقة أكثر، فقد حصل كلا الاثنين على الجائزة من أجل المجد العظيم (للأمة المنتخبة) من قبل الرب.‏

في عام 1989 سجلت الولايات المتحدة سفر انتصارها في الحرب الباردة، وأصبحت مستعدة لتفكيك الاتحاد السوفييتي ويوغسلافيا الاتحادية -وكانت تأمل- في تفكيك الصين. في تلك الأثناء، وضمن تلك الظروف، ولم يكن الدالاي لاما، الذي سوف يتوج بطلاً للسلام أكثر من راهب متآمر تشجعه وتموله المخابرات المركزية الأميركية يصارع من أجل اقتطاع ربع الأراضي الصينية (التيبت الكبرى).‏

وتغير الوضع جذرياً خلال عام 2009 فقد استطاع الزعماء الصينيون تجنب السيناريو المأساوي المرسوم المفروض على بلادهم. وعوضاً عن ترك بلادهم تعود وترجع إلى الوراء مسافة سنين طويلة، سنوات رهيبة كانت الصين فيها عبارة عن دولة مضطهدة مستذلة وغالباً محكوم عليها بالموت الجماعي بسبب الجوع، إلى (الصين المصلوبة)، التي يتكلم عنها المؤرخون، شهدت الدولة التي يبلغ عدد سكانها خمس سكان العالم نهضة وتطوراً مدهشاً، في وقت يلوح فيه، وبكل وضوح انحدار وزوال القوة العظمى الوحيدة في العالم، التي كانت قد اعتقدت في عام 1989، من نشوة انتصارها أنها امتلكت العالم بين يديها، وفي سياق الظروف التي أفرزها عام 2009، توجت جائزة نوبل للسلام الرئيس الذي استطاع بفضل براعته الخطابية ومقدرته في أن يظهر بمظهر الزعيم الجديد القادم من القاعدة، لتضفي بعض البريق واللمعان للامبريالية الأميركية.‏

وفي واقع الأمر، لم يعد ينطلي على أحد المغزى الحقيقي لرئاسة باراك أوباما، فهو لا ينتمي لذلك العالم الذي لا يدعو إلى رفع وتيرة العسكرة وسياسة الحرب الأميركية. خلال عام واحد من رئاسته، أرسل إلى منطقة الخليج العربي أسطولاً مزوداً بتجهيزات عسكرية بحجة حماية المنطقة من الرد الإيراني في حال شن حرب وحشية إسرائيلية، يتم التحضير لها باستفزاز بفضل السلاح المقدم من واشنطن. وفي أميركا اللاتينية، زرع الرئيس أوباما سبع قواعد عسكرية في كولومبيا، عقب تشجيعه أو تصميمه للانقلاب الذي شهدته الهندوراس وأطلق الأسطول الأميركي الرابع ليظهر من جديد، مستغلاً حاجة هاييتي العاجلة للمساعدات الإنسانية (وهنا تكمن خطورة تتساوى مع خطورة الهيمنة الاستعمارية التي مارستها الولايات المتحدة منذ عقدين من الزمن)، بهدف احتلال البلد، ومع نشر قواتها هناك، فهذا يمثل أيضاً تحذيراًَ خطيراً موجهاً إلى بلدان أميركا اللاتينية.‏

وفي إفريقيا، وتحت ذريعة (الإرهاب) زادت الولايات المتحدة من عدتها العسكرية بشتى الوسائل، ومهمتها الأساسية هي عرقلة عملية تزويد الصين بالطاقة والمواد الأولية التي تحتاجها. بشكل يمكنها يوماً وفي اللحظة المناسبة التضييق عليها وخنقها. أما في أوروبا، فلم يتخل الرئيس أوباما مشروع توسيع الناتو نحو شرقها، وإضعاف روسيا، ولا تعدو التنازلات مجرد شكليات تهدف إلى عزل الصين ما أمكن، البلد الذي يشكل تهديداً أمام الهيمنة الكونية لواشنطن.‏

نعم، في آسيا تبدو الصورة العدوانية للرئاسة الأميركية الجديدة واضحة للغاية. وهذا لا يعني أبداً من ناحية امتداد الحرب في أفغانستان نحو الباكستان والنتائج الكارثية الناتجة عن ذلك والتي كانت أكثر شمولاً وفظاعةً من عهد إدارة الرئيس بوش. وما تشهده تايوان في تلك المنطقة الآسيوية ذو مغزى ودلالة عميقين. بدأ الوضع بين الصين وتايوان يشهد تحسناً واضحاً، وعادت بينهما الاتصالات والمبادلات وتطورت على وجه حسن، كما عادت العلاقات بين النظام الشيوعي الصيني ونظيره التايواني، ويتطلع الرئيس أوباما، مع عزمه بيع أسلحة لتايوان إلى بلوغ هدف محدد وهو: في حال لم نستطع تفكيك هذا البلد الآسيوي الكبير، على الأقل ينبغي عرقلة تحقيق وحدته السلمية.‏

وفي تلك الأثناء، عاد الإعلان من جديد لسياسة الاحتواء والتفكيك الخاصة بالصين. وتلك هي اللحظة المناسبة لدخول قداسته إلى المسرح، والذي قبل أن تطأ قدمه الولايات المتحدة بارك من بعيد تجارة الأسلحة التي تتخذ من البيت الأبيض مقراً لها.‏

ولكن ألم يكن الدالاي لاما معروفاً على مستوى العالم بأنه بطل اللاعنف؟ سوف أسمح لنفسي هنا، في معرض ردي على هذا التلاعب الرقيق أن أعود إلى فصل في كتابي -اللاعنف- تاريخ خارج الأسطورة- والذي سوف يصدر قريباً. ثمة كتب تعاون على تأليفها موظفون سابقون في الاستخبارات الأميركية كشفت عن حقيقة يجب ألا تغيب عن النظر، وهي أن اللاعنف هو مجرد (شاشة سينمائية) أحاطت بالدالاي لاما هالة من القدسية، في حين أنه ومنذ سنين طويلة، عقب فراره من الصين عام 1959، نشر في الصين تمرداً مسلحاً تغذيه مصادر مالية ضخمة من قبل آلة تنظيمية هائلة وأجهزة إعلامية متعددة الجنسيات وكذلك الترسانة الأميركية العملاقة.‏

تمرد كان مصيره الفشل بسبب افتقاده للدعم الشعبي في التيبت. أي تمرد مسلح -كما كتب الموظفون السابقون في الاستخبارات- أتاح للولايات المتحدة جمع خبرات وتجارب من أجل الحرب في منطقة الهند الصينية، أي بمعنى من أجل حروب استعمارية. وأنا بدوري أضيف إلى ذلك القول: حروب تندرج في قائمة الحروب الأكثر همجية في القرن الحالي.‏

الآن سوف يتم اللقاء بين أوباما والدالاي لاما. وهذا يأتي ضمن منطق الأشياء. لقاء بين حاملي جائزة نوبل في النفاق سيتسم بالود، ولكنه لن يعد ولن يحمل في طياته أي خير لمصلحة السلام.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية