تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


نافذة.. التهديدات الإسرائيلية

آراء
الخميس 11-2-2010م
سليم عبود

تتعالى في هذه الأيام نبرة التهديدات الإسرائيلية، وتتسع لتشمل سورية بعبارات تعبر عن فقدان الأعصاب والتوتر ورعونة التفكير والموقف، فمن عادة القادة الإسرائيليين على مدى ستين عاماً مضت التظاهر بأن الدول العربية تضمر لها الشر وتعمل على تدميرها وفي الوقت نفسه تمارس العدوان على العرب..

والحروب الإسرائيلية كلها شواهد على هذا السلوك العدواني التوسعي الإرهابي الذي تمارسه إسرائيل، ويشكل فلسفة وجودها واستمرارها. لغة التظاهر بالسلام والمسكنة تغيرت، لأن المعادلة تغيرت، فالخوف الذي كان يمارس على العرب، انتقل إلى الطرف الإسرائيلي، وبالتالي أنتج هذا الخوف هذا التهديد الذي نسمعه من قبل القادة الإسرائيليين الآن، ليؤكدوا للداخل الإسرائيلي قبل أن يؤكدوا للعرب أن الجيش الإسرائيلي قوي، ومازال الجيش الذي لا يقهر والذراع القادرة على الوصول إلى أي مكان في العالم العربي وإيران.‏‏

منذ عدوان إسرائيل على لبنان 2006، وإسرائيل تتابع إقامة المناورات العسكرية على الجبهة مع سورية ولبنان، مع تضخيم إعلامي متعمد لأهمية المناورات وأهدافها والدروس المستفادة منها، وفي رأي كل المراقبين السياسيين والعسكريين أن تلك التصريحات والمناورات الإسرائيلية تصب في خانة تعزيز ثقة الداخل الإسرائيلي بقيادة جيشه المهزوم، وثقة الجيش بإمكانياته التي تحطمت في لبنان وغزة.‏‏

التهديدات التي طالت دمشق الداعمة للمقاومة والصامدة في وجه المشروعات المعادية للأمة العربية، لم تعد ترهب دمشق التي تعي أن هذه التهديدات هي في الأساس تعبير عن حالة الفزع والهزيمة التي يعيشها الكيان الصهيوني، وإذا لم يكن هذا الكيان مدركاً لأبعاد هذه الهزيمة التي لحقت بجيشه ومؤسساته السياسية والأمنية إلا أنه كان يريد أن يمعن في المكابرة، على هذا الكيان المتغطرس عقودا,ً أن يعيد قراءة دروس هزيمته في لبنان عام 2006 ونتائج عدوانه على غزة عام 2008/2009 ونتائج فشله في إخماد جذوة صمود المقدسيين في القدس وفي الضفة الغربية، إنها الدروس التي وضعت الغطرسة الإسرائيلية أمام مجموعة من الحقائق، من أبرزها أن زمن النزهات العسكرية الإسرائيلية ولى وإلى الأبد، وبدأ عصر جديد، عصر عربي مقاوم يؤكد أن المقاومة قادرة على وضع حد لهذه التهديدات الإسرائيلية، فالقادة العسكريون في الكيان الصهيوني يدركون أن تلك التصريحات العالية النبرة هي تعبير عن الخوف الذي تعيشه المؤسستان العسكرية والسياسية في «إسرائيل»، وتهدف أيضاً لكسب ثقة الناخب الإسرائيلي واستمالته إلى الأحزاب اليمينية المتطرفة التي تقود «إسرائيل» اليوم في مناخات دولية وإقليمية وعربية ليست في مصلحة إسرائيل كما كانت في الماضي. فالتهديدات الإسرائيلية على سورية تنم عن حقد إسرائيلي على دمشق، لأن دمشق تحتضن القضية الفلسطينية، وقضايا العرب، والعقدة الكأداء التي تواجه مخططات «إسرائيل» وأمريكا والغرب، وها هي لا تعلن انحيازها للمقاومة وحسب، وإنما تعلن بوضوح وقوفها بالقول والفعل مع المقاومة وداعمة لها ومتحالفة معها، وإذا كانت «إسرائيل» تعتقد أن هذه التهديدات ستضعف من موقف سورية مع المقاومة اللبنانية والفلسطينية والعربية في كل مكان، فهي واهمة، وإنها لم تقرأ تاريخ سورية، لقد جرب الأمريكيون لغة التهديد في الخمسينيات والستينيات، وجربتها في ظل إدارة بوش، فجاءت النتائج أن الشعب السوري ازداد التفافاً حول قيادته، والقيادة ازدادت صلابة وقوة وتمسكاً برفضها للتهديدات.. لقد قاومت سورية احتلال العراق ومشروع الشرق الأوسط الكبير الذي تقاطعت فيه الأهداف الصهيونية والأمريكية، وعمقت من دعمها للمقاومة في العراق وفلسطين ولبنان، وإذا كانت الدعوة الأمريكية والإسرائيلية لتغيير خارطة المنطقة، فالخارطة تغيرت، والخارطة الجديدة رسمتها المقاومة، والدينامية السورية الناجحة.. ويمكننا القول إن الهزيمة الإسرائيلية على يد المقاومة اللبنانية والفلسطينية، فتحت عين وعقل وقلب وذاكرة ووعي الأنظمة العربية وأدركت أن الخوف من إسرائيل على مدى عقود والذي جر الأمة من هزيمة إلى هزيمة، ومن تفكك إلى تفكك، ومن ضعف إلى ضعف انتهى، وأن معادلة الخوف تغيرت، وانتقلت إلى الطرف الإسرائيلي، وهذا تطلب الخروج من حالة الهزيمة والتفكك والضعف والتوجه إلى بناء موقف عربي قوي متماسك ومتلاحم وداعم لنهج المقاومة سياسياً وعسكرياً واقتصادياً ومتماسكاً مع سورية التي أكدت الأحداث أنها كانت تمارس مواقف صائبة تخدم الأمة العربية كلها وتحميها من خطر التفكيك، فأحلام «إسرائيل» تتجاوز الأرض إلى الوجود القومي والديني للعرب والمسلمين، وكل تفكير آخر هو تفكير قاصر، وإذا كانت إسرائيل وأمريكا تثيران قضية الملف النووي الايراني، لأنهما تريدان منع بروز أي قوة إقليمية في المنطقة تستطيع لجم الجموح الصهيوني الأمريكي، فهما أعداء لنهوض أي قوة عربية وإسلامية، أعداء لأي تكامل جغرافي وسياسي واقتصادي وعلمي في العالمين العربي والإسلامي، لأن في هذا التكامل ردعاً للأحلام التوسعية العدوانية لإسرائيل وأمريكا، وإفشال لمشروعهما «الشرق الأوسط الجديد».‏‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية