تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


محاضرة .. دمشــــق والزنبـق والشعر

ثقافة
الخميس 11-2-2010م
متابعة: علاء الدين محمد

اللغة بكل ابداعاتها الفنية وبكل ما تحتويه من تفريعات النحو وتقطيرات البلاغة وتقطيعات العروض وبكل ما تمتلكه من تعبيرات بديعة

تقف أحياناً عاجزة عن وصف جمال دمشق التي يحضنها الجبل الأشم قاسيون، المرتفع عن الأرض ترفع البطولة العبقرية والخاضع أمام السماء خضوع الإيمان الصادق، دمشق التي تعانقها الغوطة تلك الأم الساهرة التي تسهر الليل تصغي إلى مناجاة السواقي وقهقهة جداول بردي وهمس الزيتون.‏

دمشق هذه التي يعجزون عن وصفها هي أكبر المدن سناً وأرسخها حضارة كانت مدينة عامرة قبل أن تولد بغداد والقاهرة وباريس ولندن وقبل أن تنشأ الأهرامات وقبل أن ينحت في الصخر وجه أبي الهول، هذا ما جاء في محاضرة الأستاذ أنس تللو في مقهى طلة باب توما بدمشق بدا ثملاً بدمشق وغوطتها وربوتها وقاسيونها وببردى وتفرعاته والأشجار المنتشرة على ضفتيه كيف تتعانق وتتغازل وتهمس لبعضها أجمل العواطف وتذكر كل إنسان بلياليه الملاح.‏

- سعيد عقل ودمشق-‏

قرأت مجدك في قلبي وفي الكتب‏

شآم ما المجد؟ أنت المجد لم يغب‏

إذا على بردى حور تأهل بي‏

أحسست أعلامك اختالت على الشهب‏

شآم لفظ الشآم اهتز في خلدي‏

كما اهتزاز غصون الأرز في الهدب‏

ينكفئ الأدب جانباً وتضمحل عبقريات أهل اللغة وتخفض رأسها أساطين الطرب عند الحديث عن مفاتن دمشق، نعم الأدب يهجرنا واللغة تتركنا وجميعهم يعتذرون لأنهم على وصف ما يرونه لا يقدرون.‏

- أسعد علي ودمشق-‏

دمشق عاصمة للقلب مذ خفقا‏

فيها الآذان يزيل الهم والقلقا‏

عشقته تتغنى فيه مئذنة‏

ليرتمي بصلاة الوصل من عشقا‏

تصادف أن التقى في دمشق أمير الشعراء أحمد شوقي مع شاعر النيل حافظ إبراهيم، فقاما بنزهة معاً على ضفاف نهر بردى فأخذ شاعر النيل يحدق بالنهر الذي كان آنذاك زاخراً مزبداً بين ضفتين لا يتجاوز عرضها الأمتار الخمسة فقال لأحمد شوقي:‏

أهذا الذي ملأت الدنيا مدحاً له إنه ترعة من ترع النيل فابتسم أمير الشعراء وأدرك أن حافظ إبراهيم يظن أن النهر بكثرة مائه وبعد ضفتيه قال له: يا سيدي إن بردى سطر من الحكمة الإلهية خطته يد الله في صفحة الكون وهو نهر خالد خلود الدهر، وأخذ أمير الشعراء شوقي يصف بردى وصفاً دقيقاً وشاعر النيل يستمع بشغف بالغ ليكتشف ما هو سر بردى.‏

إن نهر بردى هو الذي شكل دمشق ولولاه لكانت صحراء قاحلة وما الغوطة التي نراها إلا ثمرة من ثمار بردى ولا عجب أن تفتننا بجمالها وبهائها فلقد فتنت من قبلنا ملوكاً وأدباء وعلماء.‏

وانطلقت بالشعر من ليسوا بشعراء إن في كل نفس بشرية غوطة عميقة بكراً وصاحبها هو الذي يزرعها فإما أن يتقاعس عن زراعتها فتكون هباباً يباباً لا تفيد ولا تثمر أو تكون شوكاً قارصاً أو تكون زهراً فواحاً وثمراً يانعاً.‏

قال أحد الحكماء: إن الله عندما خلق الكون قسم الجمال نصفين فأعطى النصف الأول لدمشق ووزع النصف الثاني على باقي أنحاء الأرض.‏

والأديبة كوليت خوري قالت: إن فقدان الياسمين ليس مشكلة يمكن لكل منا أن يزرع ياسمينة في شرفة بيته أو في حديقته ويسقيها فيعود الياسمين من جديد لكن يجب أن نزرع النفوس بالياسمين قبل أن نزرع الشرفات.‏

تعليقات الزوار

أبو عاصم |  mohamdomary@yahoo.com. | 21/02/2010 14:27

شكرا للمقال القيم الذي أعاد بذاكرتنا الى الايام الجميلة التي قضيناها برفقة المحاضر الاستاذ أنس تللو على ضفاف نهر بردى .

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية