فكتب عنها نصاً مهماً مسح به مرحلة كاملة من الثقافة الشعبية في مصر واعتبر أن دور تحية كاريوكا هو نوع من النصية التي مامن سبيل قط إلى تجاوزها، هي نص مامن سبيل على الإطلاق لعبوره وإهماله وإخفائه أو التنكر له ومجافاته والتمايل عليه: إنها نص كامل ومنجز في الإطار النصي الثقافي الذي يحرك ميداناً كاملاً من الأفكار والعلاقات ويبرزها في إطار خطابي متجانس من التاريخ الثقافي العربي في الحقبة الأولى من تشكل المدينة العربية.
بعد مرور أكثر من عشر سنوات على رحيل كاريوكا جاء فيلم «كاريوكا» للمخرجة اللبنانية المقيمة في مصر «نبيهة لطف» تناول الفيلم فصولاً من حياة أشهر راقصات مصر، في محاولة لتكريم ذكراها واحتفاءً بما قدمته خلال مسيرتها الفنية للسينما والشاشة وبفضل موهبتها وشخصيتها القوية توجت كرمز لكلاسيكيات السينما المصرية والعربية الفيلم الذي عرض مؤخراً في مهرجان الشرق الأوسط السينمائي الدولي في قصر الإمارات في إمارة أبو ظبي.
نبيهة لطفي سبق و أن جمعت تحية كاريوكا مع المفكر الراحل إدوارد سعيد خلال الثمانينات لإنجاز عمل سينمائي وثائقي، لكن كاريوكا توفيت ولم يكتب لمشروع إدوارد سعيد رؤية النور لكنه كتب نصه الشهير عنها.
الفيلم مبني على شهادات ووثائق وصور ومقاطع الأفلام التي شاركت بها كاريوكا، أي الفيلم بمعظمه مادة أرشيفية من لقاءات تلفزيونية وإذاعية أجرتها كاريوكا، بالإضافة إلى صور فوتوغرافية لها ومواد صحفية كتبت عنها في المجلات والصحف، إضافة إلى لقاءات مع أشخاص عاصروها وتعاملوا معها.... الصحف وصفت الفيلم بأنه تناول زيجاتها المتعددة التي بلغت أربع عشرة زيجة بموضوعية واضحة وأوضحت نبيهة لطفي: كلما ذكرت اسم كاريوكا أمام أحدهم تكلم عن جمالها الداخلي إضافة إلى جمالها الفعلي ولم أسمع خلال كل رحلة بحثي حولها كلمة واحدة مسيئة.
ففي فيلمي خفت أن أقول شيء قيل عنها كي لاأتهم بأني أقوم بإجراء دعاية لها لكثرة حبها للآخرين ولطبيعة علاقاتها مع الناس وخفة الدم التي امتازت بها إلى درجة غير معقولة.
لابد من ذكر أن تحية كاريوكا هو لقبها بينما اسم الولادة هو بدوية محمد كريم ولدت في 22 شباط1915 وتوفيت 1997 عن عمر 82، وقد بدأت في ممارسة الرقص والغناء والتمثيل وهي في سن صغيرة حتى اكتشفتها الراقصة محاسن ثم تعرفت على بديعة مصابني وانضمت إلى فرقتها، فاستعانت بها في السينما والمسرح.
بدأت شهرة بدوية محمد كريم الحقيقية عام 1940 عندما قدمت رقصة الكاريوكا العالمية في إحدى عروض سليمان نجيب وهي الرقصة التي التصقت بها بعد ذلك حتى إنها لازمت اسمها.
كاريوكا لم تكن راقصة وحسب أيضاً كانت مجددة عندما طورت أسلوبها الخاص الذي اعتمد على إعادة إنتاج الهرمونية الشرقية القديمة في الرقص، وهو الأسلوب الذي تأسست عليه مدرسة كاملة في الرقص الشرقي وشاركت كاريوكا في عدد ضخم من الأفلام مثل (وداعاً بونابرت، خلي بالك من زوزو، لعبة الست، شباب، امرأة، اسكندرية كمان وكمان، التعويذة، الصبر في الملاحات، الضائعة، أه يابلد، ليال، وسقطت في بحر العسل ، الكرنك، السكرية، شاطئ الحب، وزائر الفجر، وكذلك عدد من المسلسلات.