والسؤال الذي يفرض نفسه في ضوء ظاهرة ارتفاع تكاليف الأبنية المدرسية في المحافظة ما أسباب هذا الارتفاع? ترى هل الأسباب ذاتية أم موضوعية?
المكتب التنفيذي لمجلس محافظة طرطوس يعزو أسباب ارتفاع كلفة القاعة الصفية الى مايلي:
- تضمين كلفة القاعة مجموع كلف كل من الغرف الإدارية والفنية والمهنية والأعمال الملحقة بها وفقا للقانون (32) للتعليم الأساسي.
- معظم المواقع المقدمة لبناء المدارس ذات طبيعة تضاريسية تستدعي لتسويتها وفق الشروط الفنية من أعمال حفريات وجدران استنادية وغيرها من أعمال الموقع العام مبالغ مالية كبيرة جدا.
-ارتفاع اسعار مواد البناء واليد العاملة.
- تأهيل المباني على الزلازل ما يزيد الكلفة بنسبة 20% من كلفة المشروع.
- ودون الدخول في تفاصيل كل هذه الأسباب سأتوقف عند سبب اراه سببا رئيسيا في ارتفاع التكلفة إلى ارقام خيالية لايقبلها قانون ولا منطق, هذا السبب هو المتعلق بالمواقع (الاراضي) التي تقدم لمصلحة بناء مدارس لاسيما في ريف المحافظة ( أملاك دولة- تبرعات مواطنين) .. فمعظم هذه المواقع ( المجانية) غير مناسبة ابدا وتكون في اماكن منحدرة أو بعيدة وذات طبيعة تضاريسية صعبة ومع ذلك تضطر المحافظة لدراستها والبناء عليها رغم ما تحتاجه من أموال كبيرة لتسويتها وإقامة جدران استنادية لها وتنفيذ طرق ومرافق خاصة بها.. الخ.
كل ذلك بحجة أن الدولة لا تسمح بالشراء المباشرمن المواطنين ولا تسمح بالاستملاك علما أن أي شراء لعقارات في مواقع مناسبة لن يكلف خزينة الدولة أكثر من 10 - 15 % مما تدفعه من أموال لتسوية الموقع ( المجاني) وإقامة جدران استنادية له وتخديمه فتصوروا هذه العقلية الاقتصادية في حكومتنا!!
أمثلة
سنعطيكم مثالين عن مدرستين في ريف طرطوس هما ( الدنبية-المعيسلة) واللتان يبينان كلفة القاعة دون الموقع العام وكلفتها مع الموقع العام ونترك الحكم لكم بعد ذلك!
فقد بلغت كلفة القاعة في مدرسة الدنبية دون الموقع العام (548) ألف ليرة ووصلت هذه الكلفة إلى ( 4,8) ملايين ليرة ( للقاعة الواحدة) بسبب طبيعة الموقع الصعبة وميوله الشديد!!
أي أن مدرسة فيها (9) قاعات صفية ( تعليم أساسي ) تصل كلفتها إلى أكثر من (40) مليون ليرة سورية فهل هذا معقول!?
أما كلفة القاعة الصفية في مدرسة ( المعيسلة) فوصلت بدون الموقع العام إلى نصف مليون ليرة... في حين بلغت كلفة القاعة مع الملحقات وأعمال الموقع العام غير المناسب ( المجاني) خمسة ملايين ومائة وثمانين ألف ليرة سورية.. وبذلك ستكون كلفة المدرسة أكثر من (45) مليون ليرة سورية بدل أن تكون أقل من (5) ملايين ليرة سورية اذا كان الموقع مناسبا!!
طبعا هناك أمثلة عديدة اخرى في طرطوس والمحافظات الأخرى على مدى السنوات العديدة الماضية حمّلت خزينة الدولة مليارات الليرات السورية دون مبرر وكان يمكن أن نوظفها في مجالات تنموية اخرى تنعكس بشكل ايجابي على المجتمع والاقتصاد الوطني.
حلول
في ضوء ما تقدم هل نبقى متفرجين في هيئة تخطيط الدولة والحكومة أم لا بد من خطوات واجراءات سريعة لتدارك الخلل القائم وبالتالي ما الحلول المطلوبة?
محافظ طرطوس وفي مذكرة رفعها للسيد وزير الإدارة المحلية والبيئة منذ ايام عرض المشكلة بأسبابها ونتائجها واقترح لحلها ما يلي:
- مناقشة هيئة تخطيط الدولة في امكانية اعادة النظر بالكلفة المعيارية للقاعة الصفية بحيث تأخذ بعين الاعتبار كلفة القاعة الصفية بشكل مجرد وكلفتها مع الملحقات لإيجاد حل ينسجم مع الكلفة الواقعية لها.
- مخاطبة وزارة التربية لإعادة النظر بعدد الغرف الإدارية والفنية بدقة ودون أن يؤثر ذلك على استراتيجية تطوير التعليم.
- ايجاد صيغة تسمح بالشراء المباشر اذا لم تؤمن مواقع مناسبة من أملاك الدولة أو المواطنين.
وبدورنا نؤكد على ضرورة ألا يسمح ببناء أي مدرسة على موقع غير مناسب فنيا واقتصاديا وتربويا وأن تصدر تعليمات أو تشريعات ( اذا اقتضى الأمر) تجيز لمديريات التربية والمحافظات الشراء المباشر للاراضي للاسباب التي ذكرناها.