ولكن يجب عدم الاستهانة بالدور الذي يمكن ان يلعبه هؤلاء, رغم ان المقاعد النيابية التي يحتلونها تعتبر هامشية لحد ما.
ويقول المجلس الاسلامي في بريطانيا انه في العام 2001 كانت هناك 13 دائرة انتخابية كان للمسلمين فيها قوة انتخابية تبشر بمستقبل سياسي فعال, وانه منذ تلك الفترة ازداد عدد هذه الدوائر بشكل ملحوظ, لافتا الى ان العديد من المقاعد التي كان يستأثر حزب العمال بها في المناطق التي كانت تعد معاقل له باتت الآن ساحة حامية للتنافس.
ولعل اكثر المعارك الانتخابية ضراوة هي التي تجري حاليا في دائرتي بثنال غرين و باو شرق لندن, والتي يمثل فيهما جورج غالاوي زعيم حزب زمِّمك (او الاحترام) , والمناهض بشدة للحرب تهديدا مباشرا لمركز اوانا كينغ من حزب العمال.
وكان حزب العمال قد طرد غالاوي, وهو شخصية مثيرة للجدل, من الحزب في تشرين الاول عام 2003 بسبب مواقفه المناهضة للحرب على العراق.
وقد جاء في قرار الطرد ان غالاوي حرض قوى اجنبية على الوقوف في وجه القوات البريطانية , وعقب وصفه كل من رئيس الحكومة البريطانية توني بلير والرئيس الاميركي جورج بوش بانهما تصرفا كالذئاب خلال غزوهما للعراق.
وبعد قرار طرده من حزب العمال اعلن غالاوي تشكيل حزب الاحترام , وكان عليه في تلك المرحلة مواجهة سيل من الاتهامات حول مزاعم بقبوله رشاوى من حكومة الرئيس العراقي السابق صدام حسين, وعن تحويله اموالا من برنامج الامم المتحدة النفط مقابل الغذاء.
وفي عام 2004 اعلن غالاوي انه سيترشح لمنافسة كينغ, الطفلة المدللة اليهودية السوداء لبلير ومن اشد المؤيدين للحرب على العراق.
ويحظى غالاوي بشعبية واسعة في دائرتي بثنال غرين و باو حيث يشكل المسلمون اكثر من 40 % من سكانهما, ما يجعل غالبية هاتين الدائرتين التي يقدر عدد سكانهما بنحو عشرة الاف نسمة في وضع غير مريح.
ويقول محللون ان المشاكل التي تواجهها كينغ, والتي قد تكون لها تداعيات اكثر خطورة من تلك التي واجهها مرشحون آخرون من حزب العمال, تعكس مشاعر الغضب العارمة لدى الكثير من الناخبين جراء الحرب التي شنتها بريطانيا واميركا على العراق.
وهذه القضية بالذات, أي الحرب على العراق, لها اهميتها الاساسية بالنسبة الى الناخب البريطاني المسلم, وهذا ما يفسر توزيع المجلس الاسلامي البريطاني ل¯ دليل الناخب , الذي يتضمن عشر نقاط تتصدرها المطالبة بانسحاب القوات البريطانية من العراق, واحترام القانون الدولي, وعدم السماح لدول مثل اسرائيل الاستهزاء بالقرارات الصادرة عن الامم المتحدة والافلات من العقاب .
اما على الصعيد الداخلي, فيطالب المسلمون البريطانيون بإصدار تشريع يحث على وقف التحريض الديني وبث روح الكراهية, ومعارضة القوانين غير العادلة المتعلقة بمكافحة الارهاب, وتوفير الدعم لمدارس التعليم الديني في البلاد.
وقالت الناشطة الاسلامية والصحفية نعيمة بوتلجة رغم ان ليس كل الناخبين المسلمين سيصوتون على هذه المسائل, الا ان الظروف الدولية والمحلية قد وحدت مواقف المسلمين السياسية.
واضافت بوتلجة ان المسلمين, الذين يقطنون مناطق تعد الاكثر فقرا في البلاد, سيدلون باصواتهم للمرشح الذي يعدهم بتوفير ظروف تعليمية وصحية افضل لهم ولعائلاتهم, ويبدون الآن غير متمسكين كما في السابق بتحالفهم التقليدي مع حزب العمال.
لكنها استدركت قائلة, رغم ذلك فان الكثير من المسلمين سيصوتون لحزب العمال لاسباب مختلفة, مشيرة الى ان اقلية ضئيلة ينتمي معظمها الى الطبقة المتوسطة او رجال العمال سيصوتون لصالح حزب المحافظين.
واعربت بوتلجة عن اعتقادها بان غالبية المسلمين سيصوتون ل¯ حزب الاحترام او ل¯: الديمقراطيين الاحرار بسبب مواقف هذين الحزبين من الحرب على العراق, و لسياستيهما الخارجية, و موقفيهما من القوانين الداخلية من مكافحة الارهاب.
واشارت ايضا الى ان اقلية صغيرة ستمتنع عن التصويت في الانتخابات المقبلة لدواع دينية.
واندلعت اعمال عنف مؤخراً بين متظاهرين مناهضين للحرب واسلاميين متطرفين, حينما اندفع العشرات ممن يعتقد بانهم ينتمون الى جماعة المهاجرون المحظورة مسجدا في لندن كان يعقد فيه اجتماع دعا اليه المجلس الاسلامي في بريطانيا للتداول في الانتخابات المقبلة في بريطانيا.
ووصف المهاجمون المجلس الاسلامي في بريطانيا انه بوق لتوني بلير , محذرين من ان الاقتراع مخالف للاسلام, ومن ان أي شخص يشارك فيها سيعد كافرا .
واضطر غالاوي للاحتماء خوفا من ان يتعرض للاذى من جانب متطرفين مسلمين لدى زيارته لناخبين مسلمين زارهم في اماكن سكنهم في منطقتي بثنال غرين و باو.
وقام نحو ثلاثين شخصا, يعتقد بانهم اعضاء في مجموعة حزب التحرير, باقتحام شقة كان فيها غالاوي مع انصاره, وحذروه من محاولة كسب اصوات الناخبين المسلمين, مهددين ان هو فعل ذلك فان مشنقة ستكون بانتظاره .
كما حذر هؤلاء من ان أي مسلم يصوت لصالح حزب غالاوي سيصدر في حقه حكم بالموت .
واضطر زعيم حزب الاحترام للخروج من الشقة على عجل بعد ان بدأ الاشتباك بداخلها بين الفريقين, والاختباء في سيارته بانتظار الشرطة التي وصلت لتهدئة الوضع.
و قام شبان غاضبون بتمزيق اطارات سيارة كينغ ورموها بالبيض بسبب مواقفها المؤيدة للحرب على العراق, كما علم فيما بعد ان عناصر مؤيدة لحزب غالاوي رموها بالبيض خلال عطلة نهاية الاسبوع.
ولم تتوقف حملة الترهيب بل شملت غالاوي ايضا حيث قامت عناصر يعتقد بانها مؤيدة للمهاجرين باقتحام اجتماع كان يحضره زعيم حزب الاحترام وهددوه بالموت بعد ان وصفوه ب¯: النبي المزيف .
يشار الى ان الشرطة توفر الحماية الشخصية لكل من غالاوي وكينغ.
ورغم ان المسلمين المتطرفين في بريطانيا اقلية, الا انهم عبر وسائل الترهيب التي يعتمدونها, قد يؤثرون على بعض الناخبين ويجبرونهم على عدم الادلاء باصواتهم.
وقالت بوتلجة ان المسلمين البريطانيين المترددين في التصويت قد يقررون في نهاية المطاف عدم التصويت اما خوفا من تعرضهم للخطر او لاسباب دينية محضة.
ان غضب المقترع البريطاني المسلم على سياسة حزب العمال سيترجم عند التوجه الى صناديق الاقتراع في دائرتي بثنال غرين و باو , كما ان المعركة قد تمتد الى دوائر انتخابية اخرى مثل بلاكبيرن وكانت في ما مضى معقلا حصينا للعمال, والتي يبذل وزير الخارجية البريطاني جاك سترو جهودا جبارة للاحتفاظ بمقعده فيها.
وعلى الرغم ان المسلمين في بريطانيا قد لا يتمكنون من الاطاحة ببلير, الا انهم بكل تأكيد سيوجهون اليه لطمة لن ينساها.