وإن أصحابه الطيبين قد طووا- كرمى لعينيه- أربعة كراسي على طاولة قديمة فلا يجلسون عليها أحدا حفاظا منهم على رائحة ضحكته, وعلى ملمس أمنياته على قماش الطاولة!
وقالوا لنا: إنه زار, بشكل مفاجىء, مكانا أثريا فسندت أنامله الحجر ومنعته من الانهيار والسقوط في هوة النسيان والكآبة!
وقالوا لنا: إنه يزور القرى البعيدة.. القرى التي يمشي الفقر والألم في زواريبها, فتنتعش القلوب بأمنيات جديدة عن أيام تشبه جداول هذه القرى..
قالوا أشياء كثيرة.. عن رجل يحرس الأحلام..
هذا الرجل.. فجأة.. كان معنا في مسرح الحمراء بدمشق..
إنه نفس الرجل الذي وعدنا- وكان وعده الصدق- في يوم مشهود:
إنه سيكون معنا في كل مكان!
إنه السيد الرئيس بشار الأسد..
هطل علينا فرحا فكان خيرا كأمطار أواخر نيسان..
كان نيسان في حضوره الزاهي..
نيسانا عابقا برائحة زهر الليمون, وتفتح اللوز والمشمش, وسريان الدفء في عروق الأرض.
كان- كعادته- قريبا من همومنا.. يسأل عن أوجاعنا في المسرح, وهي أوجاع كثيرة وكبيرة, وكنا في قلب ابتسامته الخضراء وهو يربت على أكتافنا المتعبة, فيمسح التعب عن الوجوه الباحثة عن الملاذات في يديه, وعلى يديه.
كان يرسم صورة مشرقة لأيام أحلى ستأتي رغم المرارات التي تلوح بها سيوف الغدر من كل حدب وصوب.
ها هو يراهن علينا.. على قدرتنا على الصمود, وعلى صنع الفرح ..
وها نحن نراهن على حكمة خياراته وقدرتها على انتشالنا من مخالب الذئاب المتعددة الاشكال والمشارب .
دون مواعيد مسبقة.. كان بيننا لينير ظلام المسرح..
دون مواعيد مسبقة سنظل ننتظر اطلالة السيف الدمشقي في محياه, وفي خطواته , وفي رؤاه..
سيدي الرئيس :
ملأ حضورك بالأمل.. قلوبنا.
فكان مساء مسرح الحمراء مساءك,
وكان مساء المطر مساءك..
شكرا ..
سيدي الرئيس