تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


اقتصاديون سوريون ... يتحدثون عن البطالة والتضخم عشية الإصلاحات المرتقبة

اقتصاد
الأربعاء 27/4/2005م
أمل السبط

لا يعتقد الاقتصاديون أن أمام الحكومة الحالية رؤية واضحة للاصلاح الاقتصادي عشية المؤتمر القطري..

باعتبار أن مجمل التشريعات والقوانين التي صدرت لم تشكل نظاما متجانسا بقدر ما شكلت اجراءات مالية مبعثرة هدفت الى التخفيف عن الطبقات الغنية..في الوقت الذي يراهن البعض على صعوبة تحقيق الأهداف الأساسية للاصلاح الاقتصادي الذي حددها المسؤولون في الحكومة بزيادة معدل النمو الى ما بين ستة وسبعة في المئة علما أن متوسط الاستثمار لا يتجاوز 18% من الدخل القومي ما يعني أن تحقيق نسبة نمو 3% مع حجم الاستثمارات الضئيل ستكون في أفضل الحالات!‏

وعلى الرغم من ارتفاع المداخيل وتصحيح بعض مؤشرات الاقتصاد الكلي فإنه من غير المتوقع أن تتمكن سورية من ايجاد الحلول الناجعة لعدد من مشكلاتها المستعصية وفي طليعتها التحدي المتمثل في كيفية توفير الموارد العامة للدولة جراء تراجع عائدات البترول وتخفيض الضرائب وتأمين استحقاقات الاتفاقيات الاقتصادية الجديدة التي ستؤثر على الحقيبة الجمركية اضافة الى معالجة مسألة التضخيم التي ستؤدي مع الكساد الموجود الى نوع من الركود التضخمي وبالتالي الى تفاقم في سوء توزيع الدخل.‏

هناك أيضا تحدي البطالة الذي يعد من أبرز المشكلات التي تواجه الحكومة العام الحالي, حيث لا تتضح حتى الآن أي آفاق يمكن أن تساهم في خلق حالة من التوازن بين فرص العمل وعدد القادمين الى سوق العمل.‏

ويشكك الاقتصاديون بالاصلاحات المرتقبة على الرغم من المراهنة بقوة على جذب الاستثمارات الخارجية عبر اصلاح 75 في المئة من التشريعات المالية وتحديث عمل المصارف لمواجهة انفتاح السوق لكن عمليا لا تزال المصاعب موجودة, وتتعلق بالبيروقراطية وضعف كفاءة الجهاز المصرفي وعدم كفاءة الجهاز البشري والاداري!‏

ويرى الخبير الاقتصادي الياس نجمة أن العام الماضي عاصر ظاهرتين خطيرتين تشكلان أبرز التحديات الاقتصادية التي تواجه الحكومة الحالية وهما ارتفاع الأسعار والبطالة..لافتا الى أن أولى النتائج المترتبة على هذا الوضع الاقتصادي هي تفاقم سوء توزيع الدخل!يقول النجمة:‏

فيما يخص ارتفاع الأسعار قالوا أنها ناجمة عن تخفيض أسعار الفوائد وإن الأغلبية ذهبت بأموالها باتجاه شراء العقارات لكننا اكتشفنا لاحقا أن ليست العقارات فقط ارتفعت أسعارها بل زادت أسعار المواد الأولية والمواد الغذائية والاستهلاكية عامة, وارتفعت بعد ذلك أسعار المستوردات نتيجة ارتفاع اليورو وفي المحصلة كان هناك ارتفاع كبير للأسعار بدأت منذ الشهر الأول من العام الماضي واستمرت حتى نهايته.‏

أما فيما يخص ظاهرة البطالة-يضيف نجمة أن العام الماضي لم يخلق وظائف بقدر عدد القادمين الى سوق العمل بمعنى إذا كان هناك تضخم بالاضافة الى البطالة فنحن في حالة الركود التضخمي وهي أخطر أنواع الأوضاع الاقتصادية التي يواجهها أي اقتصاد في العالم, هذا الركود سوف يؤدي الى سحق الطبقة الوسطى والى تفاقم كبير في توزيع الدخل.‏

ويمكن تلخيص التحديات الأهم في المستقبل المنظور, كما حددها د.نجمة وتأمين استحقاقات الاتفاقيات الاقتصادية الجديدة, إذ بدأت الدولة تواجه مشكلة واردات حقيقية, وعليها أن تعتمد لتعويضها على نظام ضريبي فعال وعادل توزع فيه الأعباء حسب المقدرة التكليفية وتعمل قدر المستطاع على منع التهرب الضريبي على مستوى ضرائب الدخل وعلى مستوى الاستيراد والاعفاءات.‏

التحدي الثاني هو مسألة التضخم لأننا إذا دخلنا في سباق بين الأسعار وزيادة الرواتب والأجور سنكون في وضع يؤدي الى تشويه كل البنية الاقتصادية في البلدان وربما كان التضخم من أخطر الأوضاع التي تصيب أي اقتصاد في العالم وخصوصا وأن التضخم الذي لدينا هو تضخم تكلفة وليس طبقيا فالطلب لم يبدأ نتيجة ارتفاع أسعار المستوردات من خلال ارتفاع أسعار اليورو أوعبر الفساد الذي يؤثر بحدود 30 في المئة من كلفة كل منتجاتنا اضافة الى عامل البيروقراطية والعوائق الأخرى ناهيك عن ضعف الانتاجية الناجم عن ضعف استخدام التكنولوجيا وغياب الكوادر المؤهلة ما يؤدي الى انتاج سلع وخدمات بكلفة عالية وذلك يفرض علينا ضرورة مواجهة هذا التحدي من خلال التحكم بالكتلة النقدية وسياسات الفوائد والأجور والأرباح, واعتماد سياسات اقتصادية ضريبية معينة تكبح جماح التضخم خصوصا لدى الفئات ذات الدخول المرتفعة جدا.‏

التحدي الثالث هو كيفية مواجهة البطالة..حتى الآن لا يوجد أي مؤشر يؤكد أننا سنصل خلال فترة زمنية محددة الى حالة من التوازن ما بين فرص العمل التي نخلقها وبين عدد القادمين الى سوق العمل..والبطالة تعالج بالاستثمار فإذا كان الاستثمار منخفضا استمرت البطالة وكما نعلم أن الاستثمار الخاص في تراجع في حين تأتي الموازنة الاستثمارية لترصد نحو 80 مليار ليرة بذريعة تأمين اعتمادات المشاريع حسب قدرتها وإذا كانت هذه المشاريع قد تقاعست عن الانفاق فهل نكافئها ونعطيها الاعتماد الذي تستطيع انفاقه?‏

في مقابل تلك التحديات تجمع الأوساط الاقتصادية على أن أهم الاستحقاقات المطروحة أمام المؤتمر القطري المقبل هو صدور أجندة اقتصادية وإدارية حول معالجة القضايا الاقتصادية تتضمن سياسات ومواقف وبرامج محددة وواضحة تجاه العديد من القضايا, والتي يأتي في مقدمتها اجراء الاصلاح الاقتصادي والاداري خصوصا أننا نواجه استحقاقات الشراكة الأوروبية ومنطقة التجارة الحرة العربية الكبرى.‏

ويشير الدكتور منير الحمش مدير مركز الدراسات الاستراتيجية في هذا السياق (إن أول هذه الاستحقاقات هي رفع القدرة التنافسية لمنتجاتنا في القطاعين العام والخاص ما يتطلب اجراء اصلاح حقيقي وجريء في مؤسسات القطاع العام وضرورة مبادرة القطاع الخاص الى اجراء اصلاحات حقيقية على أداء مؤسساته بحيث توجه الجهود الوطنية لانتاج سلع وبضائع بمواصفات وجودة مناسبة ومنافسة وبأسعار معتدلة ومنافسة أيضا.‏

الحمش يرى أن هذا الاستحقاق يجب أن يكون عنوانا للنهج الاقتصادي والانتاجي فالمنتجات العربية والأجنبية سوف تقتحم أسواقنا كما على منتجاتنا أن تقتحم الأسواق العربية والأجنبية ما يلزمنا باجراءات عملية لرفع مستوى الانتاج الوطني.‏

ويعتبر مدير الدراسات الاستراتيجية أن عملية اصلاح القطاع العام الصناعي ليس بالأمر الصعب لقد أعيق اصلاح هذا القطاع رغم أهميته وضرورته للاقتصاد الوطني ومع ذلك نسمع أن هذا القطاع يحمل الدولة خسائر هائلة والواقع أن الخسائر هي في بعض منشآته وغالبا ما يسببها القرار الإداري الخاطىء والروتين البيروقراطي..ما يستدعي معالجة هذا الموضوع على طريقة الاقتصاد الوطني وليس على طريقة اقتصاد السوق.‏

وذلك عبر دراسة حالة كل منشأة صناعية في القطاع العام الصناعي ماليا واداريا وانتاجيا وفنيا وأن يتم التركيز على جودة المنتج والتسعير العادل ووضع الامكانيات المادية للاستبدال والتجديد وإدارة المنشآت الصناعية وفقا لمبادىء المحاسبة الاقتصادية وأن تعطى للادرات الصلاحيات الكافية ويشهر سلاح المحاسبة من خلال استخدام أموال المنشأة في داخل المنشأة مع دفعها الضرائب والرسوم كما هو الحال تماما في التعامل مع القطاع الخاص.‏

مهما تعددت الآراء يمكن القول: إن الاقتصاد السوري لن يحقق قفزة نوعية في المستقبل المنظور خصوصا بعد تراجع المسؤولين عن توقعاتهم التفاؤلية والاقتراب أكثر من الواقعية ما يعني والحال هذه ضرورة تتبع الخطوات العلاجية المتمثلة بإصلاحات جوهرية لإصلاح الاقتصاد سواء عبر جذب أموال المغتربين السوريين البالغة نحو 50 مليار دولار أم الالتزام بالاستحقاقات الاصلاحية والسياسية للشراكة مع أوروبا!!‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية