وإمكانية أن تؤثر هذه النتائج على مستقبل سياسات بوش حيال المنطقة بالذات, إلى جانب ما تواجهه هذه السياسات من مأزق عميق في فلسطين والعراق وأفغانستان,ذهب البعض الأخر لتشبيه لقاء أولمرت-بوش بلقاء الفاشلين,علاوة على ما يواجهه أولمرت وحكومته من مشاكل تتصل مباشرة بنتائج الحرب الفاشلة على لبنان واستمرار الصراع على الساحة الفلسطينية , وجمود عملية التسوية, والانقسامات الداخلية التي تمور بها الساحة السياسية والحزبية في إسرائيل.لكن المهم في هذه اللقاء أن أولمرت وبوش يجدان نفسيهما في موقع ليس من يسند احدهما الأخر لكنه في الوقت نفسه قد يكون فرصة لكليهما لتحليل الأوضاع الدولية ومواجهة المشكلات التي لم تتغير.
فالملفات المطروحة للنقاش خلال هذا اللقاء بحسب ما يجمع عليه معظم المحللين الإسرائيليين , بالإضافة إلى تحريك عملية التسوية على المسار الفلسطيني فان الملف النووي الإيراني يحتل مكانة مهمة في هذا اللقاء,ثم إن مسالة انسحاب القوات الأمريكية من العراق باتت تقلق بال الإسرائيليين كثيرا حيث لم يتوان أولمرت عن التعبير عن عدم رضاه لمثل هذا لانسحاب في الظروف الراهنة في مقابل ذلك استبق الرئيس الأمريكي الدعوات الأمريكية والأوروبية الداعية لفتح حوار مع سورية بالتأكيد على شروطه التي أكل الدهر عليها وشرب وهي تخلي سورية عما اسماه بدعم الإرهاب وعدم التدخل بما يجري في لبنان. في كل الأحوال فان هذا اللقاء لم يكن في نظر كثير من الكتاب الإسرائيليين ذا دلالات مهمة عدا عن التأكيد الأمريكي التقليدي باستمرار دعم الولايات المتحدة لتفوق إسرائيل العسكري.
في مقال تحليلي علق بن كسبيت في معاريف على هذا اللقاء والملفات التي من الممكن تناولها خلاله قائلا :( رئيس الوزراء أولمرت, الذي وضعه في البلاد في الدرك الأسفل, يلتقي اليوم بوش الذي وضعه أسوأ منه../التوقف فقط لقول السلام عليكم في البيت الأبيض../إيران, العراق, سوريا, لبنان والفلسطينيون - هذا هو ترتيب المواضيع في اللقاء بين أولمرت و جورج بوش في واشنطن. لقاء عاجل, غير لازم, عديم المؤتمر الصحفي أو الأجندة الخاصة.أولمرت يمر في واشنطن, يمرر البطاقة في البيت الأبيض ويواصل لقاءه. وهو يحتاج إلى مثل هذه الصورعندما يكون وضعه في الديار في أسفل الدرك. بوش, الذي وضعه في درك أسفل اخطر, يتوقع لقاء أكثر أهمية مع الرفيقين جيمس بيكر ولي هاملتون, من لجنة الكونغرس الخاصة التي يفترض أن تعد له خطة جديدة للخروج من العراق.أمريكا تنتظر هذه الخطة بفارغ الصبر. وحاليا فان خطط أولمرت يمكنها أن تنتظر. و في موضوع خطة الانطواء قال رئيس الوزراء : بعد الحرب وبعد فشل الفلسطينيين في التصدي للإرهاب المتواصل, لدي أفكار ثانية حول القدرة على تحقيق حل الدولتين. هذا على الإطلاق لم يمت, ولكن يجب إعادة النظر في ذلك من جديد. لا يوجد لنا سبيل لتجاهل الموضوع الفلسطيني.... ويستغل أولمرت وجوده هنا واللقاء في البيت الأبيض كي يستوضح إذا كان خلف الشائعات عن خطة أمريكية سياسية جديدة للشرق الأوسط أي أساس. وصحيح حتى هذه اللحظة, لم يوجد مثل هذا الأساس. من جهة أخرى, كل شيء ممكن. ولا سيما عندما يدخل جيمس بيكر ورفاق بوش الأب في الصورة. في الموضوع الإيراني الذي يجترف غير قليل من العناوين الرئيسة, اعترف أولمرت بأنه يعتقد أنه يجب ردع طهران. وقال رئيس الوزراء( إني أؤيد الجهود للوصول إلى حل وسط مع إيران. ولكن إيران لن توافق على حل وسط إذا لم تخش النتائج والآثار في حالة عدم وجود مثل هذا الحل الوسط, و لهذا من يرد أن يصل إلى اتفاق مع إيران عليه أن يشدد أمامها ماذا سيحصل إذا لم يتحقق هذا الاتفاق. وبعد أن انتهى من التورط في هذا الموضوع, شدد أولمرت على أن (لإسرائيل خيارات مختلفة, لا أريد البحث فيها).
من جهته وصف ناحوم بارنيع هذا اللقاء في مقال له في يديعوت أحرنوت تحت عنوان: لقاء بين الأعمى والأعرج( يقول فيه :( في نهاية ظهورهما الذي تصحبه الفرقة الموسيقية أمام الصحافيين, نهض الاثنان من مقعديهما. احتضن أولمرت كتف بوش. ورد بوش الاحتضان. ربت أولمرت بخفة على الكتف المحتضنة ورد له بوش تربيته.لُحظ على الاثنين أنهما يلذ لهما أن يكون احدهما بين ذراع الأخر. يوجد تآلف. إن حقيقة أن نسب شعبية الاثنين معا لا تصل الأن إلى 50 في المائة لا تبعد احدهما عن الآخر. وربما العكس. ويساعد الأعمى الأعرج, كما قال آباؤنا. الأعرج في هذا المثل هو بوش. والأعمى راغبا هو أولمرت. إن الرضى البادي على الاثنين يثير البلبلة. ما الذي يرضيهما إلى هذا الحد? هل هو الوضع في العراق? هل هو تسلح إيران? هل هو الدعم الذي يتلقاه كل واحد منهما من جمهوره?لا. إذا لم يكن كل شيء تمثيلا, فليس كل شيء كذبا, يبدو أنهما لا يزالان راضيين لأنهما هنالك, في الغرفة البيضاوية. في المكان الذي يحسم فيه مصير العالم, لا في مكان آخر, اقل إثارة . ويقول بارنيع متسائلا :لست أعلم بالضبط ما الذي تم الاتفاق عليه بين أولمرت وبوش في الموضوع الإيراني. تحدث الاثنان وحدهما, وهو الشيء الذي يمنح, من جهة, بعدا دراماتيا للمحادثة بينهما, وسيبقي من الجهة الأخرى التفسير عند كل واحد على حدة. لا توجد تجربة جيدة مع محادثات كهذه في الجانب العملي. انها توجب على السامع أكثر مما توجب على المستمع .... كل ما تبقى ينتظر: ينتظر الموضوع الفلسطيني تبديل الحكومة هناك. وينتظر الموضوع العراقي صياغة سياسة جديدة, صادرة عن الحزبين, في الولايات المتحدة. وينتظر الموضوع السوري خطوات تبني الثقة. لا يبدو أي شيء من هذا الأن في الأفق.
وتحت عنوان :أبواب مستديرة في واشنطن علق ألوف بن في هارتس حول اللقاء نفسه ونتائجه بالقول : مثلما في فيلم )الأبواب المغلقة الذي يطرح تطورين محتملين لحبكة واحدة, هكذا يمكن فهم زيارتي أولمرت القصيرتين لواشنطن. كل شيء يعتمد على كيفية النظر لاولمرت: كرجل أعمال حاذق وداهية أم كقائد تائه وحائر.الحبكة الأولى: صاحب الصفقات. قادة إسرائيل يواجهون طوال أربعة عقود فكرة أن تصريحاتهم السلمية هي غطاء زائف لإبقاء السيطرة على المناطق. في الخارج كانوا يتحدثون عن التسوية, وفي الداخل كانوا يبنون المزيد من المستوطنات. إلى أن جاء أولمرت وقال لبوش في شهر أيار من هذه السنة: خذوا 90 في المئة من الضفة الغربية مجانا, المهم أن تدعونا نخرج.
الموضوع الأكثر أهمية وحساسية وإلحاحا الذي اخذ حيزا كبيرا في اللغط السياسي والإعلامي حول اللقاء المذكور هو موضوع الملف النووي الإيراني لاسيما على ضوء المخاوف الإسرائيلية الكبيرة حول إمكانية أن تغير إدارة بوش موقفها حياله على ضوء فوز الديموقراطيين في الانتخابات النصفية وفي ظل الدعوات الأمريكية والأوروبية المتكررة لفتح حوار مع طهران وبالتالي حل هذا الموضوع بالطرق السلمية والدبلوماسية.
تحت عنوان في الطريق إلى الحرب مع إيران كتبت هارتس تقول : (ولو كانت الأمور متعلقة فقط بالرئيس الأمريكي وبرئيس الوزراء الإسرائيلي, فلعلهما كانا يتفقان بينهما على مثل هذه الصفقة. بوش يعارض بحزم القنبلة النووية الإيرانية, فيما أولمرت يرغب في الخروج من المناطق )لإنقاذ الصهيونية. ولكن ليس للزعيمين, حرية العمل. عليهما كليهما أن يتصديا لرأي عام معادٍ, يمنحهما علامة راسب في الاستطلاعات, ومع ساحتين سياسيتين تطالبانهما بالامتناع عن المخاطر..... انتصار الديمقراطيين في الانتخابات للكونغرس, والذي يعتبر عقابا لبوش على التورط في العراق, يبعد احتمال قصف الولايات المتحدة لإيران - وهكذا يعفي إسرائيل من معضلة ثقيلة على الحمل, فيما إذا كانت ستهاجم بنفسها المنشآت النووية المهددة. إدارة بوش تلمح ب (مراجعة) السياسة الخارجية, تعد بالعمل بالتنسيق مع الديمقراطيين, وتبحث عن استراتيجية خروج من العراق. وتستخلص الصحيفة وتقول : للقيود السياسية على يدي بوش واو لمرت ثمن: إسرائيل تقترب من الحرب مع إيران, وتغرق عميقا في وحل غزة.التصريحات من القدس ومن طهران آخذة في التصعيد, والطرفان يحثان التعاظم العسكري ويبحثان عن غطاء سياسي في الشكاوى المتبادلة لمجلس الأمن في الأمم المتحدة. في مقابلة مع مجلة (نيوز ويك), قبل سفره إلى الولايات المتحدة, أكد أولمرت الإحساس بالتهديد وألمح بعملية عسكرية إسرائيلية.