تتفاعل بين اخذ ورد لجهة الوصول الى قرار محدد حول مدى اكتساب هذه البضاعة نسبة الاربعين بالمئة من القيمة المضافة التي تؤهلها لاكتساب المنشأ العربي وبالتالي تصديرها تحت عنوان الاتفاقية.
بداية المشكلة
المشكلة بدات مع كمية من المدافئ وصلت إلى أمانة جمارك حماة وبعد الكشف عليها وتسجيل بعض الملاحظات أوقفت أمانة جمارك حماة البضاعة وسطرت كتابا بهذا المضمون إلى المديرية العامة للجمارك وتلا ذلك ورود /1800/ طرد الى امانة جمارك دمشق عن طريق امانة جمارك نصيب بتاريخ 6/12/2009 تحتوي المدافئ الايطالية التي تم التصريح على انها عربية المنشأ وعليه فقد وجهت غرفة صناعة دمشق وريفها كتابا الى وزارة الاقتصاد والتجارة (رقم 1360/ص تاريخ 8/12/2009) بهذا المضمون وبادرت وزارة الاقتصاد بدورها الى توجيه كتاب عاجل الى الجمارك يتضمن التريث بالافراج عن البضاعة المذكورة ريثما تقوم اللجنة الوطنية للتحقق من صحة المنشأ بالزيارة الميدانية للمعمل العربي مصدر المدافئ للتأكد من نسبة القيمة المضافة وإحالة الملف الى وزارة الاقتصاد والتجارة لاستكمال الاجراءات اللازمة.
مديرية الجمارك العامة بينت في كتابها الجوابي الى وزارة الاقتصاد والتجارة (رقم 5940/ت بتاريخ 15/12/2009) بأنها قامت بكشف معاكس على البضاعة حيث افاد رئيس المراقبة المكلف في تقريره بأن الفاتورة المرفقة بالبيان تضمنت ان المدافئ من ماركة LAMINOX بكمية /1800/ طرد بسعر فردي يبلغ /35/ دولاراً وأن نسبة القيمة المضافة العربية المحلية تبلغ 50% في حين ان القطع الداخلة في التصنيع ذات منشأ ايطالي كما ان شهادة المنشأ تحمل شعار جامعة الدول العربية وبأن البضاعة مدافئ غاز ومختومة بالاختام العربية نفسها المثبتة على الفاتورة ولكن لم يرد عليها القيمة المحلية المضافة، اما المنشأ فقد ورد باللغة العربية على بلاك معدني. وأخيراً فإن القطع الداخلية اجنبية المنشأ، وقد تم التحرز على البضاعة بناء على كتاب وزارة الاقتصاد والتجارة مع الاشارة الى ان المخالفات المكتشفة في البضاعة لم يتم تكييفها وقمعها بعد.
تغيير المواقف
وزارة الاقتصاد ردت في اليوم التالي مباشرة الى الجمارك عطفا على الاستدعاء المقدم من الشركة التجارية المستوردة للمدافئ التي تعهدت بدفع الرسوم والغرامات المترتبة تأمينا مقابل الافراج عن البضاعة، ردت بكتاب تضمن الموافقة على الافراج عن بضاعة البيان (رقم 22432 بتاريخ 7/12/2009) ووضعها بالاستهلاك المحلي شريطة تسديد ما يتوجب عليها من رسوم جمركية ورسوم اخرى في حال توجبها والغرامات المحتملة تأمينا لحين إثبات صحة المنشأ العربي لهذه البضائع من خلال تقرير لجنة التحقق من صحة المنشأ بعد قيامها بالزيارة الميدانية للمنشأة المصدرة والتحقق من القيمة المضافة وفق الانظمة النافذة الاخرى، وبتاريخ 20/12/2009 صدر قرار رئيس مجلس الوزراء رقم /6766/ القاضي بايفاد اللجنة الوطنية للتحقق من صحة المنشأ للبضائع المتبادلة بين سورية والدول العربية الى بلد المعمل المصدر للمدافئ للقيام بزيارة المعمل للتحقق من صحة المنشأ الوطني وحساب القيمة المضافة اذا لزم الامر، وبعد الزيارة الميدانية الى المعمل العربي المصدر الى سورية اجتمعت اللجنة بكامل اعضائها يومي 30و31/12/2009 ودار جدل حول مدى اكتساب هذه البضائع صفة المنشأ العربي حيث انقسم اعضاء اللجنة الى قسمين الاول يتضمن ممثلي كل من المالية ووزارة الصناعة ومديرية الجمارك العامة والذين توصلوا الى ان التصنيع الجاري على المدفأة لا يحقق نسبة 40% في حين ان القسم الثاني المكون من رئيس اللجنة ومديرة التجارة الخارجية بوزارة الاقتصاد وممثل غرفة صناعة دمشق وريفها توصل الى ان نسبة القيمة المضافة لهذا المنتج تتجاوز 40%.
المشكلة بحسب اوساط الصناعيين والفعاليات الاقتصادية تضخمت بعد زيارة اللجنة اكثر من ذي قبل حيث اتخذت وزارة الاقتصاد والتجارة اجراءات تضمن عدم قيام اي من الصناعيين السوريين بأي شكوى في المستقبل ضد اي منتج من شأنه اغراق السوق بالبضائع العربية او الاجنبية.
عقوبات رادعة
وزارة الاقتصاد اعتبرت بناء على رأي ممثليها في اللجنة الوطنية للتحقق من المنشأ ودون ان يتم اتخاذ القرار وبتجاهل تام لبقية اعضاء اللجنة، اعتبرت ان ادعاء الصناعيين غير صحيح وبناء على زيارة اللجنة وما ترتب على ذلك من تبعات ادارية ومالية فقد باشرت الوزارة حركة مراسلات وأوامر نشطة جدا مصدرة العديد من الكتب الى الجهات العامة والخاصة في ذات اليوم حيث وجهت وزارة الاقتصاد كتابا الى رئيس غرفة صناعة دمشق وريفها (رقم 123/8/11 بتاريخ 4/1/2010) بهذا الشأن مطالبة اياه باتخاذ الاجراءات اللازمة بحق المذكورين وفقا للانظمة النافذة في غرفة صناعة دمشق وريفها، وعلى نفس الخط فقد بادرت وزارة الاقتصاد الى توجيه كتاب الى مديرية الجمارك العامة (رقم 122/9/11 بتاريخ 4/1/2010) تضمن قلب ظهر المجن لمطالباتها السابقة بالتحرز على البضاعة حيث تضمن كتابها الى الجمارك ان الكتب السابقة تضمنت ورود خطأ في شهادة المنشأ والمتمثل بعدم ذكر التراكم الذي تم استخدامه لمادة الصاج تحت حجة جهل الشركة المصدرة مع الاخذ بعين الاعتبار ان الشهادة صحيحة وان المنتج المذكور يحقق قيمة مضافة تتجاوز نسبة 40%، اما الابرز في كتاب وزارة الاقتصاد والتجارة بحسب مصادر وزارة المالية فقد تمثل بما ورد حرفيا (نبلغكم الموافقة على الافراج عن بضاعة البيان رقم 22432 تاريخ 7/12/2009 ووضعها بالاستهلاك المحلي واعطاء منتجات المعمل المذكور من مدافئ الغاز والكهرباء صفة المنشأ الوطني للبلد المصدر والاستفادة من احكام منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى والاعفاء من مخالفة شهادة المنشأ المقدمة والاعفاء من اية مخالفة اخرى تتعلق بأنظمة البيان المذكور ووفق النافذة الاخرى وطي كتابينا المذكورين) وهي اجراءات تقع ضمن صلاحيات وزارة المالية وجهات وصائية اخرى وتتجاوز صلاحيات وزارة الاقتصاد والتجارة بمراحل.
آراء مختصين
معاون وزير الاقتصاد والتجارة رئيس اللجنة الوطنية للتحقق من صحة المنشأ الدكتور خالد سلوطة فضل تأجيل الحديث بهذه المعضلة (خلال اتصال هاتفي معه) إلى حين البت فيها في اجتماعات اللجنة الاقتصادية برئاسة مجلس الوزراء مرجعا أسباب هذا التأجيل إلى ضرورة عدم توسعة هوة الخلاف بين الجهات المعنية باعتبار الموضوع محل جدل ونقاش بينها وبالتالي من المحبذ إرجاء البحث في هذه المسالة إلى حين اتخاذ قرار حاسم بشأن صحة المنشأ العربي للمدافئ المستوردة من البلدان العربية.
عضو مجلس إدارة غرفة صناعة دمشق عن القطاع الهندسي وريفها، عضو اللجنة الوطنية للتحقق من صحة المنشأ فيصل غازي أوضح في اتصال هاتفي معه أن الشركة العربية المصدرة لهذا النوع من المدافئ إلى سورية حققت قيمة مضافة تصل إلى نسبة 50% مرجعا هذه النسبة إلى الصاج المعدني المغلف للمدفأة مبيناً بان الشركة محققة لهذه النسبة مهما كان رأي بقية أعضاء اللجنة مع الأخذ بعين الاعتبار أن القرار بتثبيت قيمتها المضافة يبقى قائما مهما انقسم أعضاء اللجنة على أنفسهم، وحول الانقسام الحاصل بين مؤيد لتثبيت قيمتها المضافة ورافض لها قال غازي: هذا سؤال يوجه لبقية أعضاء اللجنة .
منع وحرمان
الاجراء الفريد من نوعه كان اصدار وزارة الاقتصاد والتجارة قرارا بحرمان الصناعيين الثلاثة اصحاب الشكوى من حق الاستيراد والتصدير لمدة عام على ان يعمل بالقرار اعتبارا من تاريخ صدوره رغم أن القرار لم يتخذ بعد في اللجنة .
اخر ما وصل الى (الثورة) من انباء هو ان التحقيق في المسالة جار بمتابعة حثيثة من وزراء المالية والصناعة والتجارة والاقتصاد .
رأي خبير
مجموعة من النقاط وضعها احد الخبراء في مجال التحقق من صحة المنشأ في تقريره، تشرح وتحلل كل ما يتصل بالمسألة موردا ان الدراسة التي قدمتها وزارة الصناعة والتجارة في البلد العربي المصدر للمدافئ وصادقت من خلالها على وثائق المعمل توصلت الى ان نسبة التكلفة للمدفأة الواحدة تتجاوز مبلغ 71 دولاراً، بينما التصريح المثبت على الفاتورة المرفقة بالبيان الجمركي السوري هو 35 دولاراً للمدفأة الواحدة، ما يثير الشك فمن غير المنطقي ان تباع اوتصدر هذه المدفأة الى سورية بخسارة قدرها اكثر من 36 دولاراً للمدفأة الواحدة، اضافة الى ان شهادة المنشأ لا تتضمن تطبيق تراكم المنشأ مع الدول العربية وبالتالي لا يمكن احتساب المدخلات العربية الاخرى (الصاج) ان وجدت ضمن المواد المحلية، ما يستبعد 21.91 دولاراً اخرى من المواد المحلية، مع الاخذ بعين الاعتبار ان قيمة بعض عناصر التكلفة المحلية لا تتناسب مع الواقع وهي عمليات الدهان وقيمة الكرتون للتغليف، حيث ورد في دراسة وزارة الصناعة العربية ان كمية الدهان المستعملة لطلاء المدفأة الواحدة هي 1.6 كيلوغراماً وهو امر غير منطقي كما ورد ايضا ان قيمة الكرتون المعد للتغليف تعادل 227 ليرة سورية وهو امر مبالغ فيه ايضا.
كما ورد في تقرير الخبير ان الرأي المطروح في اجتماعات اللجنة بإعطاء صفة المنشأ لكافة منتجات المصنع العربي موضوع الخلاف سيعطي هذا المصنع الحق بالدخول الى السوق المحلية السوري مستقبلا دون التدقيق على منتجاته لغاية التحقق من المنشأ ،وهذا ما لا يمكن تطبيقه في معرض التحقق من البضائع العربية المعفاة من اداء الرسوم الجمركية، ما يشكل خطرا على ايرادات الخزينة العامة، والنقطة الابرز تتمثل بأن ادارة المعمل لم تبرز عند الزيارة الميدانية التوكيل الذي يعطي المعمل الحق بتصنيع او تجميع مدافئ الغاز او الكهرباء المذكورة او موافقة مالك الاسم التجاري الاصلي الذي يسمح بموجبها للشركة العربية بتصدير البضائع التي تحمل اسمه الى خارج اراضي بلاده ولا الفواتير المصدقة وبوليصة الشحن وشهادة المنشأ المصدقة أصولا من غرفة التجارة الايطالية ووزارة الخارجية إلى بلد المقصد..
النتيجة
بالنتيجة من المبشر بالخير ان يكون الخلاف بين جهتين عامتين حول تطبيق القانون لأن في ذلك مصلحة عامة، اما ان يكون الخلاف بين نص قانوني واجتهاد تفسيري لنص قانوني فذلك ما يبعث على التشاؤم حول الحالات المماثلة مستقبلا ولا سيما ان الرسوم الجمركية تعتبر إيرادات من الدرجة الممتازة للخزينة العامة للدولة، أما المطلب الذي يعتبر أولوية بالنسبة لكل من اطلع على هذه القضية فهو التراجع عن قرار الحرمان الصادر بحق الصناعيين الثلاثة ،إضافة إلى وجوب فرض إلغاء للإعفاء المعطى للشركة المذكورة في حال ثبوت المخالفة بحقها مع الأخذ بعين الاعتبار أن ما قامت به الشركة من طيّ التصريح عن أسعار متدنية والبيع بسعر لا يتناسب معها ربحاً يعتبر إغراقا للأسواق السورية.