ضعفها؟!؛ لكن الواقع يقول غير ذلك ,فهناك الكثير من أغاني عصر الميديا تمتلك مقومات النجاح الخاصة بها دون الصورة , فلماذا لا تنتج دونه؟!, فكأن الموضوع محسوم سلفا بفشلها , فلا يناقش !!,وصار الفيديو كليب من جوهر أغنية عصر الميديا .
إن النظر بدقة لمفهوم الفيديو كليب , نراه يقوم مقام الخيال الذي كان يرافق السمع عند الاستماع للأغنية أو السرحان فيما لو صور المغني يؤديها على مسرح , وإشغاله لمحل الخيال، أخرج الخيال الفعال من فعاليته الذي بدوره كان ينتج تلك العاطفة العقلية تجاه الأغنية ,فتبقى في الذاكرة لأنها شغلت عقل المستمع إليها وتعيش في الزمن, فصار بينه وبينها مودة المعرفة, تدفعه لاقتنائها كشيء خاص, في حين نجد أغنية الفيديو كليب ما أن تولد حتى تنوئد بنفسها مادامت قد ارتضت لنفسها صفة السلعة التي ستجني لشركة الإنتاج والمغني ومن تبعهما في ذلك,الأرباح, أنها كالسيجارة غايتها الاحتراق .
ومن سيجارة الفيديو كليب نطل على الأعمال الدرامية التي تمتلئ بها بطون شاشات الفضائيات التي تشبهت بالفيديو كليب عبر وجبة سريعة من الأحداث والأفكار يقول منتجوها أن تحمل ماضي وراهن وحاضر الأمة بين طياتها , فيخال للمتفرج أنه أمام تحفة فنية ستقلع بها أشواك الواقع وتزرع بدلا منه زهور التغير , فتنخرط بالفرجة على مدى ثلاثين حلقة , لتكشف أنه قد تم خداعك بعلكة مكتوب على غلافها تمنع الضغط الاجتماعي وتحرق السكر الزائد في المخالفات و تزيل عسر هضم القوانين البالية وتمحو الكلف وحب الشباب والبقع وتبيض صفحة المجتمع وتلم الماء المسفوح لمجتمع مصاب بالنستولوجيا وعقد النقص وتحرك الجدل الاجتماعي ما بين مخرج يظن أنه قد وصل لآخر الأرض وممثل لم يكن للمكياج من دور أبدا لديه ,فدموعه وجروحه حقيقية وناتجة من تأثره العظيم بالسيناريو المكتوب وجمهور مبتهج لأن الدراما المقدمة عائلية بامتياز , فمن الجنين الذي في بطن الزوجة إلى الجد الذي يكاد يلفظ أنفاسه ,كلهم قد وجدوا في الدراما ضالتهم , فلا حاجة لغير ذلك إلا إذا اعتبرنا من يطلب ذلك ممن لا يعجبهم العجب .
إن «فدونة » الدراما يقوم على رأسملتها وإدخالها في مكنة خط الانتاج , وهذا الأمر جيد, فهو تعلم من كيس الغير وخاصة المكنة الإعلامية الأمريكية بكل جبروتها وسطوتها الميديوية وتاريخها الذي حفر في الذاكرة البشرية ولكن استنساخ تجربة يجب أن يتم بكل عناصرها وخاصة الجودة والفنية ورأس المال المرصود لها والحرية الكبيرة في الطرح , فهل تملك تجاربنا الدرامية هكذا خصائص وإن لم تكن تملك , فما هو الحل؟, والساحة الدرامية مفتوحة على الآخر للآخرين , فكم من الوقت سيبقى للدراما التي تخصنا السيادة التي نالتها نتيجة أعمال كانت سباقة بها على صعيد الصورة و المضمون؟! , بالطبع البساط بدأ يُسحب ومن أطراف لا تملك إلا جرأة الطرح كالدراما التركية , فكيف بالغير الذي سيتمم مستلزمات العملية الدرامية والسوق العربية واعدة ويسيل لها اللعاب!.
إن البقاء في المقدمة والسيطرة على هذه السوق لن يكون بتحويل الدراما كشبيه للقطاع العام تنال المعونات من الدولة ولا الجري وراء الكسب السريع والعمل على الكم دون النوع أو العمل بعقلية الفيديو كليب , فكل ذلك سيؤدي لانهيارها تدريجيا وخاصة أن الميزات التي كسبتها الدراما لدينا ليست من القوة بحيث تصمد أمام الدراما العربية المنافسة على ذات السوق.
الدراما قبل أن تكون صورة ,هي نص متقن عميق وعندما يتخرج كصورة لا بد لهذه الصورة أن تشبه الرسم وليس الالتقاط العابر , فمادام لدينا مخرجون وممثلون وكتاب كبار , لماذا لا تجتمع هذه الثلاثية , فيكون نتيجتها عملا مبهرا يبقى ؟!!.