وكانت له مراسلات مع المصلح الإسلامي الشهير مفتي الديار المصرية الشيخ محمد عبده, وتنشر بعض وسائل الإعلام الإسلامية الروسية اليوم رواية تقول: إن ليو تولستوي اعتنق الإسلام في آخر حياته, وما زال الجدل بهذا الخصوص مستمرا.
عملاق الأدب الروسي والمصلح الاجتماعي والمفكر الأخلاقي ( ليو تولستوي) الذي يعد من أعظم الروائيين على الإطلاق, له كتاب في النبي محمد( ص ) فيصفه قائلا: ًهو مؤسس دين ونبي الإسلام الذي يدين به أكثر من مائتي مليون إنسان ( الكلام عام 1912م)....
كما اختار تولستوي مجموعة من الأحاديث النبوية بلغت أربعة وستين حديثاً وضمنها في كتابه ومنها : لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه, ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء, إن الله عزوجل يحب ان يرى عبده ساعيا ً في طلب الحلال.
ولد الكونت ليو تولستوى عام 1828 في ياسنايا بوليانا، وهي ضيعة صغيرة تمتلكها عائلته الأرستقراطية قرب موسكو. توفي والداه عندما كان صبياً صغيراً، وتولت خالته تربيته. وقد تلقى تولستوي تعليمه الإبتدائي على يد مدرسين خصوصيين أجانب. في عام 1844 التحق تولستوي بجامعة قازان، إلا أنه سرعان ما ضَجِر من طريقة التدريس، فترك الدراسة عام 1847 قبل أن يتخرج، وعاد إلى مسقط رأسه. بدأ تولستوي ينهل من مصادر العلم والمعرفة بدون مساعدة أحد. في عام 1851 سافر الى القوقاز حيث شارك في الحرب القوقازية. و الَّّف هناك روايته الاولى «الطفولة» التي استند فيها على ذكرياته الشخصية. وبعد فترة تابع كتابة سيرته الذاتية مؤلفا روايتين وهما: «الفتوّة» و»ايام الشباب».
اشترك في حرب القرم، متطوعا في الجيش، لكنه كره الحرب، وأثرت فيه النتائج المأساوية لها. حقق شهرة كبيرة لدى نشر مقالاته عن حرب القرم تحت عنوان «قصص من سيفاستوبول». يأخذ موضوع الحرب اهتماما كبيرا في مؤلّفاته وخصوصا في اشهر رواياته «الحرب والسلام».
أنجز تولستوي عام1877 رائعته الثانية «آنا كارنينا» التي عالج فيها قضايا اجتماعية وأخلاقية وفلسفية تصور مأساة امرأة وقعت في أسر العواطف الجامحة.ويعري فيها الكاتب الاسس العائلية الزائفة لمجتمعه, وتتربع روايتاه « الحرب والسلام» و «أنا كارنينا» على قمة الأدب الواقعي، ويبرز تولستوي فيهما كروائي ومصلح اجتماعي وداعية سلام ومفكر.
تعمق تولستوي في القراءات الدينية، وقاوم الكنيسة الأرثوذكسية في روسيا، ودعا للسلام وعدم الاستغلال، وعارض القوة والعنف في شتى صورهما. لكن الكنيسة لم تقبل آراء تولستوي التي انتشرت بسرعة، فكفرته واعلنت حرمانه من رعايتها. وأُعجب بآرائه عدد كبير من الناس, وكانوا يزورونه في مقره بعد أن عاش حياة المزارعين البسطاء تاركًا عائلته الثرية المترفة. كفيلسوف أخلاقي اعتنق أفكار المقاومة السلمية النابذة للعنف وتبلور ذلك في كتاب « مملكة الرب بداخلك «وهو العمل الذي أثر على مشاهير القرن العشرين مثل المهاتما غاندي ومارتن لوثر كينغ في جهادهما الذي اتسم بسياسة المقاومة السلمية النابذة للعنف.
أشهر أعماله التي كتبها في أواخر حياته كانت «البعث» وهي قصة كتبها وتليها في الشهرة قصة «الشيطان»ورواية « الميت الحي» ومسرحية « سلطان الظلام» وروايات «كريتسيروفا سوناتا»، و«الحاج مراد» و«وفاة ايفان ايليتش» وقصة «الاب سيرغي» والتي توضح عمق معرفته بعلم النفس، ومهارته في الكتابة الأدبية. وقد اتصفت كل أعماله بالجدية والعمق وبالطرافة والجمال.
في 20 تشرين الثاني عام 1910، توفي تولستوي في قرية استابو حين هرب من بيته وحياة الترف، واصيب بالإلتهاب الرئوي في الطريق، وكان قد بلغ من العمر 82 عاما . ودفن في حديقة ضيعة ياسنايا بوليانا بعد ان رفض الكهنة دفنه وفق الطقوس الدينية الارثوذكسية.
أضمر الكاتب الروسي احتراماً خاصاً للأدب العربي، والثقافة العربية، والأدب الشعبي العربي. فعرف الحكايات العربية منذ طفولته. عرف حكاية «علاء الدين والمصباح السحري». وقرأ «ألف ليلة وليلة»، وعرف حكاية «علي بابا والأربعون حرامي»، وحكاية «قمر الزمان بين الملك شهرمان»، وقد ذكر هاتين الحكايتين ضمن قائمة الحكايات، التي تركت في نفسه أثراً كبيراً، قبل أن يصبح عمره أربعة عشرعاماً. تعود علاقة تولستوي الأولى بالأدب الشعبي العربي إلى عام 1882، فلقد نشر في ملحق مجلته التربوية (يا سنايا بوليانا) ، بعض الحكايات العربية الشعبية، منها حكاية «علي بابا والأربعين حرامي».
يرى بعض النقاد الروس أنّ تولستوي نشر حكاياتٍ عربيةً في السبعينات من القرن الماضي بعد أن أعطاها طابعاً روسياً، مثلاً غيّر الأسماء العربية بأسماء روسيةٍ، محتفظاً بالفكرة الأساسية، وبالشكل الفني للحكاية وبأحداث الحكاية. واختار تولستوي الحكايات العربية، التي تمجّد العمل بالأرض، وتدين الملوك الظالمين منهم.