فمحمد عبد الوهاب لايكاد يغيب عن الذاكرة، لأنه يعتبر استاذا لكل الأجيال، التي جاءت من بعده، في العصر الذهبي للغناء والموسيقا، و لقد استطاع من خلال معايشته لكبار رموز الأدب والفكر والسياسة، أن ينزع صورة الفنان البوهيمي، ويعطي صورة مشرقة وراقية وزاهية للفنان. ولا يمكن أن ننسى فضل عبدالوهاب في تلحين وغناء بعض قصائد كبار الشعراء من امثال: أحمد شوقي والأخطل الصغير وإيليا أبو ماضي وعلي محمود طه ونزار قباني وكامل الشناوي وغيرهم، والارتقاء بالتالي بمستوى وحساسية ورقة الكلمة، وقد بلغ من إعجاب شوقي بصوت وأداء عبد الوهاب أن كتب له زجلاً خاصاً به لغنائه نذكر منه: الليل لما خلي وبلبل حيران والنيل نجاشي واللي يحب الجمال وغيرها، وكان يحضر تسجيل معظم أغنياته على الاسطوانات.
وبالنسبة للموسيقار الكبير محمد الموجي فقلائل الذين يعرفون انه بدأ مطربا وعازفا وممثلا، حيث ظهر بفيلم عنوانه رحلة غرامية، بمشاركة مريم فخر الدين، وفيه ادى مجموعة مجموعة من الأغنيات بصوته, إلا انه سرعان ما اتجه نحو التلحين بعد تعثر خياراته الأول, واستطاع بفضل موهبته المتفردة، أن يطلق شهرة العديد من كبار المطربين والمطربات, وفي مقدمتهم عبد الحليم حافظ، الذي جاءت انطلاقته الفعلية كثمرة لتعاونهما في أغنية صافيني مرة. ولعب دوراً أساسياً ومباشراً في إطلاق وتثبيت شهرة فايزة أحمد، حين قدم لها أغنيتها الخالدة أنا قلبي إليك ميال. واطلق شهرة محرم فؤاد بأغنية رمش عينه.كما اطلق شهرة ميادة حناوي بلحنيه: اسمع عتابي و موشح ياغائباً، بعد تعثر تعاونها مع محمد عبد الوهاب. ومن ألحان الموجي انطلقت ايضا شهرة شريفة فاضل ومها صبري وغيرهما. ولهذا اشتهر الموجي بأنه متخصص في اكتشاف وإطلاق المواهب الفنية. ولقد لمع اسمه مع اصوات شهيرة اخرى.
وستحتفل الاوساط الفنية والثقافية في نهاية شهر آذار بذكرى رحيل الفنان الكبير عبد الحليم حافظ، الذي بدأ حياته الفنية مدرسا للموسيقا، وعازفا على آلة الابوا، قبل ان يسطع نجمه ويحقق شعبية جماهيرية وصلت الى حدود الاسطورة، فالأداء الغنائي عند العندليب الاسمر، كان له بصمته الخاصة والواضحة. وفق الأطر المتجددة للفن، ولجهة اضفاء المزيد من احاسيسه الذاتية على انسياباته وقفلاته الصوتية، في عالم الاداء المبهر على الصعد كافة، المنتمية الى زمن الفن الجميل الباقي والمستمر دون توقف او انقطاع في كل الازمنة والامكنة.
facebook.com/adib.makhzoum